نص حديث يؤتى بجهنم يومئذ

جاء وصف نار جهنّم وذِكْر شدّة هوْلها في العديد من الآيات والأحاديث، ومن ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يُؤْتَى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها).[١]


شرح حديث يؤتى بجهنم يومئذ

جعل الله -تعالى- نار جهنّم مستقرَّاً للكفّار والطّغاة، وفي هذا الحديث النبويّ يُبيِّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- موقفاً تذهل منه العقول يوم القيامة، حيث يؤتى بجهنّم أمام النّاس من المكان الذي خلقها الله فيه، قال -تعالى-: (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ)،[٢] ولعلّ المجيء بها أمام النّاس ورؤيتهم لها ترهيباً لهم وبياناً لعظمتها وشدّة هولها.[٣]


وأخبر النبيّ عن عِظم نار جهنّم وشدّتها وسعتها، حيث سيجرّها عددٌ هائل وعظيم من الملائكة، إذْ سيكون لنار جهنم سبعون ألف زمام؛ والزمام هو ما يُشدّ ويتحكّم فيه السّاحب، ويُمسك بكلّ زمامٍ ويجرّه سبعون ألفاً من الملائكة،[٤] وهذه الأزمّة التي تسوقها الملائكة وتُسيطر عليها تمنع خروج جهنّم على النّاس في المحشر، فلا يخرج منها إلا الشرر والأعناق التي أمرها الله -تعالى- بأخذ مَن شاء من الكفرة.[٥]


ولا يعلم بكيفيّة ذلك على الحقيقة إلا الله -عز وجل-، وعلى المسلم أن يستعيذ بالله من عذابها، ويسأله الجنّة ونعيمها، فيقول: اللهم إنّي (أَسألُكَ الجنَّةَ، وما قَرَّبَ إليها مِن قَولٍ أوْ عَملٍ، وأَعوذُ بكَ مِنَ النَّارِ، وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ أوْ عَملٍ)،[٦] فالمشهد المذكور في الحديث كافٍ لأن يرتدع النّاس من مخالفة أوامر الله وعصيانه.


أحاديث أخرى عن نار جهنم

من الأحاديث الأخرى التي تصف نار جهنّم وهولها وشدّتها ما يأتي:


ناركم جزء من سبعين جزءاً من جهنم

أخرج البخاري في صحيحه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (نَارُكُمْ جُزْءٌ مِن سَبْعِينَ جُزْءًا مِن نَارِ جَهَنَّمَ، قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قالَ: فُضِّلَتْ عليهنَّ بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا).[٧]


ويُبيّن النبيّ الكريم في هذا الحديث أنّ حرارة نار الدّنيا كجزء إلى سبعين جزءاً من حرارة نار جهنّم، فيقول أحد الصحابة للنبي: إنّ نار الدنيا لوحدها كافية لتعذيب الفجاّر وإيلامهم، فيخبره النبيّ أنّ نار الدنيا لو جُمعت كلّها وأُوقدت لكان الجزء الواحد من التسعة وستّين جزءاً من نار جهنّم أشدّ بالحرارة من نار الدنيا كلّها.[٨]


 منهم من تأخذه النار إلى كعبيه

بيّن النبيّ الكريم تفاوت عذاب نار جهنّم في الآخرة، حيث أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ منهمْ مَن تَأْخُذُهُ النَّارُ إلى كَعْبَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن تَأْخُذُهُ إلى حُجْزَتِهِ، ومِنْهُمْ مَن تَأْخُذُهُ إلى عُنُقِهِ).[٩]


ويُبيّن النبيّ في هذا الحديث أنّ من الناس مَن تأخذه النّار إلى كعبيه؛ وهو العظم البارز من الجنبين عند مفصل القدم، ومنهم مَن يتعذّب فيها وتأخذه إلى حجزته؛ والحجزة هي المكان الذي يُعقد فيه الإزار ويُمسك أسفل السُّرّة، ومنهم مَن تأخذه النار إلى عنقه، وهذا يدلّ على تفاوت شدّة العذاب بين النّاس يوم القيامة.[١٠]



مواضيع أخرى:

أحاديث عن عظم خلق الملائكة

شرح حديث سبعة يظلهم

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2842، صحيح.
  2. سورة الفجر، آية:23
  3. المباركفوري، تحفة الأحوذي، صفحة 243، جزء 7. بتصرّف.
  4. حسن أبو الأشبال، شرح صحيح مسلم، صفحة 3، جزء 9. بتصرّف.
  5. "شرح حديث يؤتى بجهنم يومئذ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2022. بتصرّف.
  6. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:1938، صحيح الإسناد.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3265، صحيح.
  8. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 177-178، جزء 19. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:2845، صحيح.
  10. الشيخ محمد العثيمين، "شرح حديث ابن مسعود: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام""، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2022. بتصرّف.