نص حديث يا شداد بن أوس

قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا شدَّادُ بنُ أوسٍ إذا رأيتَ النَّاسَ قد اكتنزوا الذَّهبَ والفضَّةَ؛ فاكنِز هؤلاء الكلماتِ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُك الثَّباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ على الرُّشدِ، وأسألُك موجِباتِ رحمتِك، وعزائمَ مغفرتِك، وأسألُك شُكرَ نعمتِك، وحُسنَ عبادتِك، وأسألُك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألُك من خيرِ ما تعلَمُ، وأعوذُ بك من شرِّ ما تعلَمُ، وأستغفرُك لما تعلَمُ؛ إنَّك أنت علَّامُ الغيوبِ).[١]


شرح حديث يا شداد بن أوس

دلّ الحديث النبوي السابق على عدّة دلالاتٍ وإشاراتٍ بيانها وتفصيلها آتياً:[٢]

  • أرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصحابيّ الجليل شدّاد بن أوس -رضي الله عنه- أن يسأل الله -تعالى- أن يُثّبته على دِين الإسلام والتمسّك به وامتثال أوامره وعدم التخلّي عنها والثبات على سنّته -صلّى الله عليه وسلّم- أيضاً.
  • دلّ الحديث النبوي الشريف سابق الذِّكر على أهمية الثبات على الدِّين؛ وذلك لِما يتعرّض إليه المسلم في حياته من الأسباب التي تؤدّي به إلى عدم الالتزام بالشَّرع وتعالميه، ويُذكر من تلك الأسباب:
  • انتشار الفتن: حذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين من الفتن والشهوات والمغريات والإقبال عليها، وأرشد إلى ضرورة التمسّك بالدِين وتعاليمه، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا).[٣]
  • الإقبال على الدنيا والانفتاح عليها: فالجدير بالمسلم السعي فيما يحقّق له رضا الله -سبحانه- ويدخله جنّته في الحياة الآخرة والزُّهد في الحياة الدنيا والإيمان بأنّها زائلةٌ لا خلود لها، قال -تعالى-: (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ*ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَبِّهِم مُحدَثٍ إِلَّا استَمَعوهُ وَهُم يَلعَبونَ)،[٤] وقد حذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من شهوات الحياة الدنيا، أخرج البخاريّ عن عمرو بن عوف المزني عن النبيّ -عليه السلام-: (وَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ).[٥]
  • الابتلاءات والامتحانات: ينبغي على المسلم أن يعلم يقيناً أنّ ما يُصيبه من الابتلاءات والمصائب ما هي إلّا اختباراً له لمعرفة درجة إيمانه بالله -عزّ وجلّ-، ولتمييز المؤمن حقيقةً عن غيره، قال -تعالى-: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).[٦]
  • تقلّب القلوب: فهي كثير التقلّب، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَقلْبُ ابنِ آدمَ أشدُّ انْقلابًا من القِدْرِ إذا اسْتجْمعتْ غَلَيانًا)،[٧] ولذلك فالجدير بالمسلم سؤال الله -تعالى- تثبيت القلوب على الدِّين والتمسّك بتعاليمه وعدم الحيد عنها، والثبات على طاعته وعبادته بمختلف صورها وأنواعها، وسلامة القلب ممّا يعكّر صفوه.


المراجع

  1. رواه الألباني، في السلسة الصحيحة، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:3228، إسناده صحيح.
  2. "أسألك الثبات في الأمر"، إسلام ويب، 25/3/2019، اطّلع عليه بتاريخ 22/9/2021. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:118، صحيح.
  4. سورة الأنبياء، آية:1-2
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمرو بن عوف المزني، الصفحة أو الرقم:4015، صحيح.
  6. سورة العنكبوت، آية:2-3
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن المقداد بن عمرو بن الأسود، الصفحة أو الرقم:5147، صحيح.