نص حديث وضع نواة التمر
أورد الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابيّ عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- أنّه قال: (نَزَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى أَبِي، قالَ: فَقَرَّبْنَا إلَيْهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً، فأكَلَ منها، ثُمَّ أُتِيَ بتَمْرٍ فَكانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بيْنَ إصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى، قالَ شُعْبَةُ: هو ظَنِّي وَهو فيه إنْ شَاءَ اللَّهُ إلْقَاءُ النَّوَى بيْنَ الإصْبَعَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الذي عن يَمِينِهِ، قالَ: فَقالَ أَبِي: وَأَخَذَ بلِجَامِ دَابَّتِهِ، ادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَقالَ: اللَّهُمَّ، بَارِكْ لهمْ في ما رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لهمْ وَارْحَمْهُمْ).[١]
شرح حديث وضع نواة التمر
يروي عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حلّ ضيفًا على أبيه، فقدّموا للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- طعامًا، وصنفًا من الطعام يسمّى: "وطبة"؛ وهو مزيجٌ من التمر والسمن والإقط المدقوق؛ والإقط هو لبن حامضٌ يُجمّد حتى يصبح صلبًا،[٢] فأكله النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ قدّموا له تمرًا؛ فكان النبيّ يتناول التمرة فيأكلها ويلقي نوى التمر -أي البذرة الموجودة داخل التمر- بين إصبعيه السبابة والوسطى؛ أي أنّه -عليه الصلاة والسلام- كان حين يُخرج نواة التمر من فمه، يلتقطها بين إصبعيه، ولا يلتقطها أو يضعها في راحة يده أو باطن أصابعه؛ حتّى لا يأتي شيءٌ من أثر الريق على طبق التمر إذا أعاد يده إليه ليأخذ تمراتٍ أخرى؛ فتعاف نفوس الآخرين الذين يأكلون من الطبق، وقيل يلقي النوى بين إصبعيه؛ حتّى لا يعيده إلى إناء التمر فيختلط به.[٣][٤]
وبعد أكل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للتمر، جاءه والد عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- بإناءٍ فيه شرابٌ فشرب منه، ثمّ ناوله للذي عن يمينه، وحين أراد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المغادرة، قام معه والد عبد الله بن بسر وأمسك بلجام دابة النبيّ؛ واللجام هو ما يتّصل بالدابة من سيورٍ تشدّ به،[٥] وسأل والد عبد الله النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- أن يدعو لهم؛ فدعا لهم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اللهَ -تعالى- بأنّ يتفضّل عليهم برحمته، ويغفر لهم ذنوبهم، ويبارك لهم في أرزاقهم؛ ومن علامات البركة في الرزق؛ القناعة والرضا به، والتوفيق لطاعة الله -تعالى-.[٣][٤]
فوائد مستنبطةٌ من حديث وضع نواة التمر
تستفاد من الحديث الشريف سابق الذكر جملةٌ من الفوائد والآداب، ومنها:[٣][٤]
- أدب أكل التمر؛ حيث يُفهم من الحديث الشريف كيف كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يأكل التمر، وحرصه -عليه الصلاة والسلام- على ألّا يؤذي الآخرين بطريقة أكله.
- من الأدب أن يشيّع الإنسان ضيفه وزائره ويرافقه عند خروجه ليودّعه.
- من سنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهديه أن يدار الشراب على من يجلس في يمينه.
- من الآداب والمستحبّات أن يدعو الضيف لمضيفه الذي ضيّفه الذي استقبله وضّيفه الطعام والشراب، كما أنّه يستحبّ للمضيف أن يطلب الدعاء من ضيفه الصالح.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن بسر، الصفحة أو الرقم:2042، صحيح.
- ↑ "تعريف ومعنى الأقط"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 28/09/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الموسوعة الحديثية، "شرح حديث وضع نواة التمر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/09/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت النووي، شرح النووي على صحيح مسلم، صفحة 193. بتصرّف.
- ↑ "تعلايف ومعنى لجام"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 28/09/2021. بتصرّف.