نصّ حديث خذ الإداوة

أخرج البخاري في صحيحه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في سَفَرٍ، فَقالَ: يا مُغِيرَةُ خُذِ الإدَاوَةَ، فأخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ، وعليه جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِن كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فأخْرَجَ يَدَهُ مِن أسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عليه، فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ومَسَحَ علَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى).[١]


شرح حديث خذ الإداوة

معاني مفردات الحديث

فيما يأتي بيانٌ لمعاني المفردات الواردة في الحديث:[٢]

  • الإداوة: وعاءٌ صغيرٌ يوضع فيه ماء الوضوء.
  • توارى: اختفى واستتر.[٣]
  • قضى حاجته: يُقصد بقضاء الحاجة؛ إخراج الإنسان لفضلات جسمه من البولو الغائط.
  • جُبَّةٌ: الجبّة ثوبٌ طويلٌ بأكمامٍ يُلبس فوق الثياب.[٤]
  • شأميَّةٌ: أي شاميَّةٌ من بلاد الشام.
  • خفّيه: الخفّ هو حذاءٌ من جلدٍ، يغطي ويستر القدم.


المعنى الإجمالي للحديث

يروي المغيرة بن شعبةٍ -رضي الله عنه- في هذا الحديث الشريف أنّه كان مرافقًا للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- في طريق سفره لغزوةٍ من غزواته، قيل إنّها غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، وأثناء سيرهما، توقّف النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لقضاء حاجته، فابتعد واستتر عن المغيرة -رضي الله عنه-، وبعد أن انتهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قضاء حاجته، عاد إلى المغيرة -رضي الله عنه- وكان مرتديًا لثوبٍ طويلٍ يُلبس فوق الثياب، وهو الجبّة، وكانت أكمامها ضيِّقةً على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فأخرج النبيّ يده من أسفلها؛ ليتوضّأ، وكان قد ترك مع المغيرة الإداوة؛ وهو اسمٌ يُطلق على الإناء الصغير الذي يوضع فيه ماء الوضوء، ويتوضّأ الناس منه، بأن يُصبّ ماء الوضوء منها.[٢]


حمل المغيرة -رضي الله عنه- الإداوة، وأخذ يصبّ على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ليتوضَّأ، فتوضّأ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما يتوضَّأ للصلاة، إلى أنّ وصل إلى قدميه؛ فمسح على خفّه ولم يخلعه ليغسل قدميه، بل مسح عليه، والخفّ هو الحذاء من الجلد الذي يُلبس ليقي القدمين من البرد وحرّ الرمال والحصى والشوك ونحو ذلك،[٥] والمسح على الخفّين من الأحكام التي شرعها الله -سبحانه وتعالى- رخصةً لعباده؛ ليخفف عنهم وييسر عليهم، فبدلًا من أن يغسلوا أقدامهم في الأجواء الباردة، أو في مواقف يصعب عليهم ذلك؛ كحال سفرهم مثلًا، أجاز الله -تعالى- ورخّص لهم مسح الخف بدلًا من غسل القدمين، فيمكن للمسلم إذا لبس الخفين على طهارةٍ أن يمسح عليهما ما لم يخلعهما، للمقيم يوم وليلة، وللمسافر أن يستمر في المسح على الخفين ما لم يخلعهما لثلاثة أيَّامٍ ولياليها.[٦]


الدروس المستفادة من الحديث

يُستفاد من الحديث جملةٌ من الدروس والمعاني، ومن أبرزها ما يأتي:

  • جواز ارتداء الثياب التي يصنعها غير المسلمين، وجواز الصلاة فيها؛ فالجبّة الشامية التي ارتداها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصلّى بها، هي من صنع أهل الشام الذين كانوا نصارى حينها.[٢]
  • مشروعيَّة المسح على الخفّين لمن ارتداهما على طهارةٍ.[٦]
  • أخذ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- برخصة المسح على الخفين؛ ليعلّم المسلمين أنّ الدين دين يُسرٍ، يحرص على التيسير عليهم، ورفّع المشقّة عنهم.[٦]



مواضيع أُخرى:

شرح حديث يكفيك صاعٌ

شرح حديث يكبّر على كل شرف

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:363، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب ت "شرح حديث: خُذِ الإداوَةَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2022. بتصرّف.
  3. "معنى توارى"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2022. بتصرّف.
  4. "معنى الجبّة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2022. بتصرّف.
  5. موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 204-205. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 262-263. بتصرّف.