نص حديث الظلم ظلمات يوم القيامة

عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظلم ظلمات يوم القيامة.[١] أخرجه البخاري ومسلم.


وفي رواية أخرى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ)[٢]


شرح حديث الظلم ظلمات

عرّّفََ أهل العلم أن الظلم هو نقيض العدل، ويأتي على ثلاثة أشكال نوضحها على النحو التالي بالإضافة إلى توضيح ما المقصود بالظلمات:[٣]


شرح معنى الظلم


  • الشرك

هو أعظم الظلم كما جاء في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: آية 13]، حيث إنه من العدل أن يؤمن الإنسان بالله -عز وجل- الذي خلقه وخلق السموات والأرض، وخلق كل ما فيهما مسخراً له، فضلاً عن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى.[٣]


وبالتالي فإن الشرك عكس العدل وهو الظلم، والذي يقع في دائرة الظلم الذي لا يغتفر لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء: آية 116]


  • ظلم الآخرين

هو أن يتعدى الإنسان على الآخرين إما بمنع واجب عليه كصلة الرحم وبر الوالدين ووفاء الحقوق، أو أن يجر على غيره سوءاً سواءً في ماله أو عرضه وغير ذلك، وهذا الظلم لا يترك، أي أن الله سبحانه وتعالى العدل يقتص لكل مظلوم من ظالمه يوم القيامة.


  • ظلم النفس

هو كل ذنب يقترفه الإنسان لا يؤذي فيه الآخرين، ولا يعتدي عليهم، وهي بمعنى آخر الذنوب التي بين العبد وربه، وهي تقع في دائرة مشيئة الله -عز وجل- في المغفرة، فإما أن يغفر الله له أو يعذبه،[٣] ويستدل على ذلك من خلال الآية الكريمة المذكورة سابقًا في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: آية 116].


شرح معنى الظلمات

يحتمل معنى الظلمات عدة أوجه، فقد يكون المقصود بها جمع الظلام أي أن الظالم لا يهتدي يوم القيامة بسبب ظلمه، على عكس المؤمن الذي يكون نوره بين يديه بإيمانه يوم القيامة، كما تحتمل كلمة الظلمات معنى الأهوال والشدائد التي يكون فيها الظالم يوم القيامة، وأخيرًا قد تحتمل شدة العقوبات التي يعاقب فيها الظالم يوم القيامة والله أعلم.[٣]


شرح معنى واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ

يأتي الشُح بمعنى البخل، ولكنه أعم منه، إذ يقتصر البخل على جوانب محددة متعلقة بالحرص على المال والممتلكات وعدم إنفاقها، بينما يصف الشُح عدم تأدية الحقوق والواجبات بشكل عام، ثم يشير الحديث الشريف، إلى أن الشُح بلاءٌ قديم أصاب أقواماً فأهلكهم، لكونه يحرض على سفك الدماء وانتهاك الأعراض للحصول على الحقوق.[٣]


ما يرشد إليه الحديث

يمكن استخلاص الإرشادات التالية من الحديث:[٤]

  • اجتناب الظلم لكون عاقبته خطيرة.
  • الظلم محرم.
  • الجزاء من جنس العمل، وذلك بأن الله أظلم على الظالم يوم القيامة بظلمه في الدنيا.


أحاديث أخرى عن الظلم

فيما يلي بعض الأحاديث التي تتحدث عن الظلم:

  • (إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن تُعبَدَ الأصنامُ في أرضِ العربِ، ولكنه سَيرضى منكم بدونِ ذلك بالمحَقِّراتِ، وهي الموبِقاتُ يومَ القيامةِ، اتَّقوا الظُّلمَ ما استطعتُم؛ فإنَّ العبدَ يَجيءُ بالحسناتِ يومَ القيامةِ يَرى أنها ستُنْجِيه، فما زال عبدٌ يقومُ يقول: يا ربِّ ظلَمَني عبدُك مَظلَمَةً. فيقول: امْحُوا من حسناتِه. وما يزالُ كذلك حتى ما يَبْقى له حسنةٌ من الذُّنوبِ، وإنَّ مَثَلَ ذلك كسَفْرٍ نزلوا بفلاةٍ من الأرضِ ليس معهم حطبٌ، فتفرَّقُ القومُ ليحتَطِبوا فلم يَلْبَثوا أن حَطِبوا، فأَعظَموا النَّارَ وطبَخوا ما أرادوا، وكذلك الذُّنوبُ)[٥]
  • (مَن ظلَم مِن الأرضِ شِبرًا طُوِّقه مِن سبعِ أرَضينَ يومَ القيامةِ)[٦]
  • (يا جريرُ! تواضَعْ لله، فإنه من تَواضعَ لله في الدنيا رفعَه اللهُ يومَ القيامةِ يا جريرُ هل تدري؟ ما الظُّلُماتُ يومَ القيامةِ؟ قلتُ: لا أدري قال: ظُلْمُ الناسِ بينهم، ثم أخذ عُوَيدًا لا أكاد أراه بين إصبعَيه فقال: يا جريرُ! لو طلبتَ في الجنَّةِ مثلَ هذا لم تجدْه قلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ! فأين النخلُ والشَّجرُ؟ قال: أصولُها الُّلؤلؤُ والذَّهبُ، أعلاه الثَّمَرُ)[٧]


للاطلاع على مزيد من شرح الأحاديث الصحيحة، يمكن قراءة المقالات التالية:

شرح حديث حوت العنبر

شرح حديث السبع الموبقات

شرح حديث يؤتى بجهنم يومئذ


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:374 ، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2578، صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث ج الحديث كما قال الإمام,أنها عبارة عن الأنكال والعقوبات. "شرح حديث (اتقوا الظلم..)"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2023. بتصرّف.
  4. "حديث: الظلم ظلمات يوم القيامة"، موسوعة الأحاديث النبوية، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2023. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2221، صحيح لغيره.
  6. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، الصفحة أو الرقم:5163، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جرير بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:3733، صحيح لغيره.