نص حديث خربت خيبر

أخرج الإمام البخاري في صحيحه قول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (صَبَّحَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْبَرَ وقدْ خَرَجُوا بالمَسَاحِي علَى أعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قالوا: هذا مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، فَلَجَؤُوا إلى الحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُ أكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ. وأَصَبْنَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ ورَسولَه يَنْهَيَانِكُمْ عن لُحُومِ الحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ بما فِيهَا).[١]


شرح حديث خربت خيبر

يُبيّن هذا الحديث النبوي الشريف ما جرى من أبرز الأحداث في منطقة خيبر، فقد انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- مع صحابته إليها صباحاً حتّى يُخلّصوا المدينة من شرّ اليهود خاصة وأنهم نقضوا عهودهم، ونبيّن شرح الحديث فيما يأتي:


معاني ألفاظ الحديث

نذكر فيما يأتي معاني بعض الألفاظ الواردة في الحديث:[٢]

  • المساحي: هي آلات للحرث والزراعة.[٣]
  • الخميس: أي الجيش.
  • الحصن: المكان المنيع والمحمي الذي لا يدخله أحد بسهولة.[٤]
  • الحُمُر: هي الحُمُر الأهلية.[٥]
  • أُكْفِئت: أي قُلِبت ونُكِّست.
  • القدور: جمع قِدْر، وهو الإناء الذي يُطبخ فيه.[٦]


مواجهة النبيّ وجيشه لخيبر

فاجأ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم- أهل خيبر بمجيئهم صباحاً، وقد كان أهل خيبر خارجين من حصونهم ويحملون على أعناقهم الفؤوس وآلات الحرث والزراعة، فلمّا رأوا النبيّ ومَن معه من المسلمين صاحوا: "هذا محمّد والخميس"؛ أي جاء محمد وجيشه، وسُمّي جيشه بالخميس لأنّه كان موزَّعاً على خمسة أقسام؛ الميمنة، والميسرة، والقلب، والمقدّمة، والسّاقة، وحينها تراجع أهل خيبر سريعاً إلى قريتهم وتحصّنوا بحصونهم.[٧]


تفاؤل النبيّ بالنّصر

عندما رأى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر حاملين آلات الحرث والفؤوس على أعناقهم كبّر فرحاً وتفاؤلاً بالنصر، فقال: "الله أكبر خربت خيبر"، وكانت مقولته هذه عن علمٍ أعلمه الله -تعالى- وأوحاه إليه، وقيل إنّه تفاءل لِما رآه من الفؤوس والآلات في أيدي أهل خيبر، فهي آلات تخريب، وقيل إنّه تفاءل باسم خيبر لتضمّنها لأحرف الخراب، والسبب الأوّل أظهر عند أكثر أهل العلم، قال النووي: "والأصح أنه أعلمه الله تعالى بذلك".[٨]


ثمّ قال: "إنا إذا نزلنا بساحة قوم"؛ أي بفنائهم وأراضيهم، "فساء صباح المنذرين"؛ أي خرب وقبح صباح هؤلاء المنذرين، وقالها النبيّ استبشاراً وتفاؤلاً لِما فتحوه من خيبر، وكبّر تعظيماً وشكراً لله -سبحانه-، وسمّاهم بالمنذرين لأنه قد جاءهم الإنذار أكثر من مرة، ولكن أصرّوا وعتوا ولم ينتفعوا من ذلك، فصار النبيّ وجيشه إليهم، فكان النصر نصراً مبيناً.[٩]


النهي عن أكل لحم الحمر الأهلية

بعد فتح خيبر أصاب أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعض الحُمر الأهلية التي كان الناس يركبونها ويستعملونها بالزراعة، وطبخوا لحمها دون إذن النبيّ، فلمّا علم رسول الله بذلك أمر أبا طلحة زيد بن سهل أن يُنادي في القوم، وينهاهم عن أكل لحم الحمر الأهليّة، ففعل ذلك، فقلب الصحابة قدور الطعام مباشرة، ولم يأكلوا منها امتثالاً لأمر النبيّ الكريم.[١٠]



مواضيع أخرى:

شرح حديث يكبر على كل شرف

حديث عضل والقارة

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2991، صحيح.
  2. شمس الدين البرماوي، اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح، صفحة 31، جزء 9. بتصرّف.
  3. محمد الهرري، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 350، جزء 19. بتصرّف.
  4. "تعريف ومعنى حصن في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2022. بتصرّف.
  5. بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 243، جزء 14.
  6. "تعريف ومعنى قدر في معجم المعاني الجامع"، معجمع المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2022. بتصرّف.
  7. "شرح حديث خربت خيبر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2022. بتصرّف.
  8. محمد الهرري، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 348-351، جزء 19. بتصرّف.
  9. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 128-129، جزء 18. بتصرّف.
  10. زكريا الأنصاري، منحة الباري بشرح صحيح البخاري، صفحة 110، جزء 6. بتصرّف.