نصّ حديث عضل والقارة

أخرج الحاكم النيسابوريّ في المستدرك عن عاصم بن عمر بن قتادة قوله إنّ: (نَاسًا مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ، وَهُمَا حَيَّانِ مِنْ جَدِيلَةَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أُحُدٍ، فَقَالُوا: إِنَّ بِأَرْضِنَا إِسْلَامًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُونَنَا فِي الْإِسْلَامِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ أَمِيرُهُمْ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ الظَّفَرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ، فَخَرَجُوا وَأَمِيرُهُمْ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّجِيعِ أَتَتْهُمُ هُذَيْلُ، فَلَمْ يَرَعِ الْقَوْمُ فِي رِحَالِهِمْ إِلَّا الرِّجَالَ فِي أَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشُوهُمْ بِهَا، فَأَخَذَ الْقَوْمُ أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ، وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَلَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، فَأَمَّا عَاصِمٌ وَمَرْثَدٌ وَخَالِدٌ فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا، وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلَا عَقْدًا أَبَدًا).[١]


شرح حديث عضل والقارة

معاني مفردات الحديث

فيما يأتي بيانٌ لأبرز معاني المفردات الواردة في الحديث الشريف:[٢][٣]

  • عضل والقارة: قبيلتان من القبائل العربيّة، ويرجعون في نسبهم إلى جدّهم: الهون بن خزيمة بن مدرِكة، من أحياء جديلة.
  • بأرضنا إسلامًا: أي بوادر لدخول ناسٍ منهم في الإسلام.
  • نفرًا: مجموعةٌ من الرجال عددهم من ثلاثة إلى عشرة.[٤]
  • الرجيع: مورد ماءٍ لهذيل في منطقة الحجاز.
  • يرع: يُفزع ويُخيف.[٥]


المعنى الإجمالي للحديث

تناول هذا الحديث الشريف واقعةً عظيمةً حصلت لبعض أصحاب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عُرفت بحادثة الرجيع؛ نسبةً إلى مورد الماء التي حصلت عنده، وملخّص الحادثة أنّه وفي شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة، وبعد أشهرٍ من غزوة أحد،[٢] أرادت بعض قبائل العرب أن تثأر من النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه؛ فقرّروا أن يكيدوا لهم ويخادعوهم، وكان ذلك بأن أرسلت قبيلة هذيل قبيلتي عضل والقارة إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأخبروه كذبًا أنّ بين قومهم بوادر دخولٍ في الإسلام، إلّا أنّهم يحتاجون من يعلّمهم أمور الدين وقراءة القرآن.[٦]


أرسل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مع قبيلتي عضل والقارة عشرةً من الصحابة -رضي الله عنهم-، بقيادة عاصم بن ثابت الأنصاري، فلمّا خرجوا معهم، ووصلوا عند ماء الرجيع، غدروا بهم، وتآمر واجتمع عليهم مئتا رجلٍ من بني لحيان وهم قومٌ من قبيلة هُذيل، فلجأ الصحابة إلى مكانٍ مرتفعٍ، وأحاط بهم رجال هُذيل، وطلبوا من الصحابة أن ينزلوا، ولن يمسّوهم بأذى ولهم عهدٌ وميثاقٌ.


وقد رفض عاصم بن ثابت أن يُعاهده رجال هذيل، وقاتلهم حتّى استشهد -رضي الله عنه- ومعه صحابة آخرون، ونزل عددٌ من الصحابة؛ فعاهدوهم، إلّا أنّ هذيلًا، لمّا تمكّنوا منهم قتلوهم ولم يُراعوا العهد معهم، وباعوا اثنين منهم لأهل مكّة، فأسروهم، وهما: خبيب وزيد بن الدثنة.[٦]


وأرادت قريش بعد أسرهما بقتلهما، وسألهما أبو سفيان -وكان أحد زعماء قريش- قبل قتلهما إن كانا يحبّان لو أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مكانهما ويُقتل بدلًا منهما؛ فأجابا أنّ الموقف الذي هما فيه أهون عليهما من أن تصيب النبيّ شوكةٌ، ثمّ قتلتهم قريش، وكانت هذه الحادثة فاجعةً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- والصحابة -رضي الله عنهم-.[٧]


ما يرشد إليه الحديث

يرشد الحديث إلى معانٍ وقيمٍ عظيمةٍ، من أبرزها ما يأتي:[٧]

  • عظم تضحية الصحابة -رضي الله عنهم- في سبيل الله -تعالى- ونصرة الدعوة، حتّى ولو كلّفهم ذلك حياتهم.
  • عدم جواز إتمام العهد مع من بدر منهم الغدر والخيانة.
  • عظم محبّة الصحابة -رضي الله عنهم- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-.

المراجع

  1. رواه الحاكم النيسابوري، في المستدرك على الصحيحين، عن عاصم بن عمر بن قتادة، الصفحة أو الرقم:5055، رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  2. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 6. بتصرّف.
  3. عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 169-175. بتصرّف.
  4. "معنى نفر"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022. بتصرّف.
  5. "معنى يرع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "فجيعة يوم الرجيع"، إسلام ويب، 20/4/2003، اطّلع عليه بتاريخ 28/7/2022. بتصرّف.
  7. ^ أ ب د. مراد باخريصة (5/4/2012)، "فوائد وعبر من حادثتي الرجيع وبئر معونة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28/7/2022. بتصرّف.