نصّ حديث: ويدهن من دهنه

أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى).[١]


شرح حديث: ويدهن من دهنه

معاني المفردات

آتيًا بيانٌ لأبرز معاني المفردات الواردة في الحديث الشريف:[٢]

  • يتطهّر: من الطهر، ويعني إزالة الأوساخ والنجاسة من الثوب والبدن.[٣]
  • يدّهن من دهنه: أي يتطيّب ويتعطّر من عطره.
  • ينصت: أي يحسن الاستماع.[٤]


المعنى الإجمالي للحديث

إنّ ليوم الجمعة ميزةً وفضلًا، خصّه الشرع بها عن سائر أيّام الأسبوع؛ ففيه يجتمع المسلمون لأداء صلاة الجمعة، وقد وجّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أصحابه -رضي الله عنه- ومن بعدهم من المسلمين في هذا الحديث إلى جملةٍ من الآداب المتعلّقة بيوم الجمعة؛ حتى يخرجوا إلى المسجد بأفضل صورةٍ ومظهرٍ، وتتمثّل هذه الآداب في الآتي:[٢][٥]

  • الاغتسال: فيستحبّ للمسلم أن يغتسل يوم الجمعة قبل خروجه إلى الصلاة.[٦]
  • التطهّر: ويقصد به المبالغة في النظافة، وليس فقط إزالة الأوساخ والنجاسات عن الثياب والبدن، بل يستحبّ يوم الجمعة القيام بسنن الفطرة؛ كقص الأظافر، وحلق العانة وغيرها.
  • التطيّب: أي وضع العطر، أو الدهن -وهو من أنواع العطر- على البدن؛ إذ يستحبّ يوم الجمعة وضع الطيب والعطر، وقد أمر الله -تعالى- المسلمَ بأخذ الزينة عند الذهاب إلى المسجد في يوم الجمعة أو غيره، وذلك من قوله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ).[٧]
  • عدم التفريق بين الناس: ويُقصد به هنا ألّا يتخطّى المسلم صفوف المسلمين، ويفرّق بين الجالسين بالجلوس بينهم، وفي هذا إرشادٌ وتوجيهٌ للتبكير في الحضور إلى المسجد لصلاة الجمعة؛ حتّى لا يضطر إلى تخطّي رقاب المصلين، والتفريق بين الجالسين.
  • صلاة النافلة: فيستحبّ لمن دخل المسجد قبل بدء الإمام بالخطبة أن يصلّي ما شاء من النوافل.
  • الإنصات للإمام: أي الحرص على حسن الاستماع للإمام إذا تكلّم وشرع بخطبة الجمعة.


ولم يقتصر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحديث على ذكر آداب الجمعة، وإنّما رغّب بها أكثر بذكر ما يترتّب التزام هذه الآداب من ثوابٍ، وهو: الفوز بالمغفرة من الله -تعالى-؛ فيغفر لمن التزم بهذه الآداب -بإذن الله- ذنوبه وخطاياه من هذه الجمعة إلى الجمعة التي تليها.[٢]


الدروس المستفادة من الحديث

تستفاد من هذا الحديث الشريف دروسٌ وفوائد عدَّةٌ، من أبرزها:[٢]

  • استحباب الغسل وأخذ الزينة من طهارة الثياب والتطيّب يوم الجمعة.
  • النهي عن تخطّي المصلّين، وتفريق صفوفهم أو التضييق عليهم بالجلوس بينهم إذا استوى الصفّ واكتمل، ولم يعد يتّسع.
  • مشروعيَّة وجواز أداء النوافل قبل صلاة الجمعة.
  • الحثّ على حسن الاستماع لما يقوله الإمام.
  • عظم فضل يوم الجمعة.


مواضيع أُخرى:

حديث عصر الجمعة

شرح حديث: خذ الإداوة

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:883، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب ت ث "شرح حديث: ويدهن من دهنه"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2/10/2022. بتصرّف.
  3. "معنى يتطهر"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2/10/2022. بتصرّف.
  4. : استمع.,-و أَنْصَتَ أَحسن "معنى ينصت"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2/10/2022. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 208-211. بتصرّف.
  6. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 70. بتصرّف.
  7. سورة الأعراف، آية:31