نص حديث خرق السفينة
أخرج البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشر -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا).[١]
شرح حديث خرق السفينة
سيتمّ فيما يأتي توضيح معاني أبرز التراكيب الواردة في الحديث، ثمّ بيان الشرح الإجمالي لهذا الحديث النبوي الشريف:
معنى ألفاظ الحديث
معاني غريب الحديث هي:[٢]
- القائم على حدود الله: هو الشخص الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
- استهموا على سفينة: أي اقترعوا على اختيار الأماكن فيها.
- أخذوا على أيديهم: أي حذّروهم ومنعوهم من الإقدام على خرق السفينة.
الشرح الإجمالي للحديث
يُبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أهميّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث ينقسم الناس إلى قسمين؛ منهم من يأمر بالمعروف، ومنهم من يترك ذلك ويرتكب المنكر، فيُشبّه النبي الكريم هذين الفريقين بمجموعة ركّاب سفينة تنازعوا على اختيار الأماكن في الأعلى أو الأسفل، فاقترعوا وأخذ كل منهم مكانه.[٣]
ثمّ كان أصحاب الطّابق السفلي إذا أرادوا الماء مرّوا على ركّاب الطابق العلوي وطلبوه منهم، وربّما تأذّوا من تكرار ذلك، فقرّر ركّاب الطابق السفلي أن يخرقوا السّفينة من جانبهم الأسفل حتى يحصلوا على نصيبهم من الماء مباشرة دون الحاجة إلى الصعود وإيذاء ركّاب الطابق الأعلى من تكرار طلب الماء.[٤]
وهنا يبيّن النبيّ الكريم موطن الشّاهد الذي يدلّ على أهمية التّواصي بالحقّ والأمر بالمعروف، فيقول لو أنّ مَن في الأعلى تركوهم يفعلون ذلك ستغرق السفينة بهم جميعاً، فلا ينجو منهم أحد، وإذا منعوهم ونهوهم عن ارتكاب هذا الخطأ سينجو كلّ مَن على السفينة.[٤]
ما يُستفاد من حديث خرق السفينة
يُستفاد من الحديث النبوي الشريف عدّة دروس وعبر، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[٥]
- أهمية ومكانة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأثره الكبير في المجتمع.
- فساد المجتمع وهلاكه يكون نتيجة ترك العصاة وأصحاب المنكر يعيثون فيه بالفساد دون منعهم أو الأخذ على أيديهم وبيان الحق لهم.
- قد يُرى المنكر والذنب في البداية أمراً بسيطاً، كخرق السفينة، فإن تُرك زاد واتّسع وانتشر في المجتمع حتى يؤذن بنزول بلاءٍ عظيم يعمّ جميع الناس.
- أهمية تحمّل مسؤولية كلّ فرد في مكانه، فلو أنّ كلّ فرد في المجتمع تحمّل مسؤولية ما اؤتمن عليه لنتج عن ذلك حفظ سلامة المجتمع وعصمته من الفساد.
- حسن النيّة والمقصد لا يسوّغ فعل ما يؤذي الناس، فلم يكن قصد أصحاب الطابق السفلي أن يخرقوا السفينة لإغراقها أو للانتقام من ركاب الطابق الأعلى، ولكن ذلك لا يشفع لسوء فعلهم وأثره الضارّ بغيرهم.[٦]
- بلاغة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومدى نفع وتأثير كلماته، فقد ضرب مثلاً بسيطاً يفهمه جميع الناس، ولكنّه ينطوي على الكثير من الفوائد والسنن العظيمة في حياة الناس والمجتمعات.[٦]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:2493، صحيح.
- ↑ "مَثَل القائم على حدود الله والواقع فيها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2022. بتصرّف.
- ↑ زكريا الأنصاري، منحة الباري بشرح صحيح البخاري، صفحة 275-276، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب "شرح حديث خرق السفينة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2022. بتصرّف.
- ↑ سليمان الحقيل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 42-43. بتصرّف.
- ^ أ ب "المسؤولية الجماعية والمصير المشترك من خلال حديث السفينة"، الإسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2022. بتصرّف.