نص حديث الكساء
أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كانَ في بيتِها، فأتَتْه فاطمةُ ببُرْمةٍ، فيها خَزيرةٌ، فدَخلَتْ بها عليه، فقالَ لها: ادعِي زوجَكِ وابنَيْكِ. قالَت: فجاءَ علِيٌّ، والحُسَينُ، والحسَنُ، فدَخَلوا عليه، فجَلَسوا يأكُلونَ مِن تلك الخَزِيرةِ، وهو على مَنامةٍ له على دُكَّانٍ تحتَه كِساءٌ خَيْبريٌّ. قالَت: وأنا أُصلِّي في الحُجْرةِ، فأنزَلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- هذه الآيةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] قالَت: فأخَذ فضْلَ الكِساءِ، فغشَّاهُم به، ثمَّ أَخرَج يدَه، فألْوَى بها إلى السَّماءِ، ثمَّ قالَ: اللَّهُمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتي، فأذْهِبْ عنهمُ الرِّجسَ، وطَهِّرْهم تطهيرًا، اللَّهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتي، فأذْهِبْ عنهمُ الرِّجسَ، وطهِّرْهم تطهيرًا. قالَت: فأَدخلْتُ رأْسي البيتَ، فقلْتُ: وأنا معَكُم يا رسولَ اللهِ، قالَ: إنَّكِ إلى خيْرٍ، إنَّكِ إلى خيْرٍ.[١]
شرح مفردات حديث الكساء
فيما يلي توضيح للمفردات التي وردت في حديث الكساء:[٢]
- بُرمة: إناء أو قدر مصنوع من الحجر.
- خزيرة: مرق مصنوع من اللحم المقطع لقطع صغيرة، وفيه ماء كثير، ويرش عليه الدقيق بعد أن يجهز.
- منامة: موضع النوم، وعادة يُشار فيه إلى الفراش.
- دُكانٍ: بناء داخل الغرفة يكون مرتفعاً قليلًا عن الأرض، إما أن يكون من الطوب أو الخشب، يستخدم للنوم أو الجلوس.
- كساء خيبري: ثوب أو عباءة منشأها خيبر وهي قرية قرب المدينة المنورة.
- فضل الكساء: أطراف الثوب.
- فألوى بها إلى السماء: رفعها نحو السماء.
شرح حديث الكساء
تروي أم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها- في هذا الحديث، أنه بينما كان رسول الله في بيتها وهي تصلي في حجرتها، جاءت فاطمة بنت الرسول رضي الله عنها، وقد جلبت لنبي الله حساءً من دسم ودقيق، فقال لها ادعي زوجك، وولديك وهم علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، وجلسوا يأكلون من المرق، وقد وصفت أن رسول الله كان جالسًا على ما يشبه الأريكة عليها ثوب خيبري، وأنزل الله -سبحانه- وتعال الآية المذكورة في الحديث، فغطى رسول الله كلاً من فاطمة وعلي والحسن والحسين رضوان الله عليهم بأطراف الثوب، ورفع يديه للدعاء وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي" قاصدًا من غطاهم بالثوب، ثم قال: "فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا"[٢]
وهنا تجب الإشارة إلى أن قول رسول الله عن فاطمة وزوجها وأبنائها هم أهل بيته، لا ينفي أنّ بقية أزواج رسول الله ليسوا من أهل بيته، حيث إن قوله هنا جاء ليخصهم بالدعاء لكونهم لا يسكنون مع رسول الله في بيت واحد، والله أعلم، ثم تكمل أم سلمة رضي الله عنها، أنها أخرجت رأسها، وقالت وأنا معكم، فكان رد رسول الله أنها إلى خير، وهذا دلالة على أنها من أهل البيت ولا حاجة لها لدخول الكساء لوجود علي بن أبي طالب معهم، والله أعلم.[٢]
عدد روايات حديث الكساء الصحيحة
روى حديث الكساء عن ثلاث، وهم عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، وعمر بن أبي سلمة رضي الله عنها، وفي كل رواية جاء ذات المعنى للحديث، وتاليًا نصوص الروايات عن عائشة أم المؤمنين وعن عمر بن أبي سلمة:
رواية عائشة أم المؤمنين: خَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةً وَعليه مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِن شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ معهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فأدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَهُ، ثُمَّ قالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33][٣]
رواية عمر بن أبي سلمة: نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلى خَيرٍ.[٤]
المراجع
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخيج المسند لشعيب، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:26508، صحيح.
- ^ أ ب ت "شروح الاحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/11/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم الؤمنين، الصفحة أو الرقم:2424، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عمر بن أبي سلمة، الصفحة أو الرقم:3205، صحيح.