أخرج الإمام الألباني في صحيح الترمذي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ).[١]


مفردات الحديث

في الحديث مفردتَين، نذكر معناهما آتياً:

  • الغلام: الصبيُّ حين يولد إلى أن يَشبّ أو حين يقارب سنَّ البلوغ.[٢]
  • استعنت: استعان: طَلَبَ العَوْنَ والْمُساعَدَةَ.[٣]


شرح الحديث

فيما يلي المعنى الإجمالي للحديث:[٤]

  • حرص النبي عليه السلام على إرشاد الصحابة، ووعظهم إلى كل ما فيه خير في الدنيا والآخرة، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الاهتمام بالصغار، والحرص على تعليمهم أمور دينهم، ففي هذا الحديث يعظ النبي عليه السلام عبد الله بن عباس وكان غلاماً صغيراً لم يبلغ الحلم بعد، حيث علّمه النبي عليه السلام أموراً ينفعه الله بها في الدنيا والآخرة.
  • ومن هذه الأمور؛ حفظ حدود الله، فإن الإنسان إن اتقى الله في أوامره ونواهيه في الأمور كلها فإن الله تعالى يصونه من الشرور ويحفظه، وحفظ الله للعبد نوعان: أحدهما حفظه له في مصالح الدنيا؛ كحفظه في بدنه، وأهله، وماله، فمن حفظ الله في قوته وشبابه حفظه الله في كِبره وضعفه، والثاني حفظه له في دينه وإيمانه، فيحفظه من الشبهات والشهوات ويحفظ له دينه عند موته، فمن يتقي الله في أوامره ونواهيه ويلزم طاعته فإن الله يحفظه ويرعاه أينما توجّه ويحميه مما قد يضره، وعلى هذا العكس؛ فمن ضيَّع الله ضيَّعه، وضاع في دنياه وأُخراه.
  • ومما أوصاه النبي عليه السلام أيضاً أنه إن أراد طلب شيءٍ فلا يطلبه إلا من الله، وإن أراد العون فلا يطلبه إلا من الله وحده، ثم بيّن له النبي عليه السلام أن الأمة لو اجتمعت واتفقت على نفع إنسان بشيء فلن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وكذا إن اجتمعوا ليضروه فإنهم لن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه.
  • وخلاصة القول أنَّ على الإنسان المسلم أن يوحِّد الله في المطلب والمَهْرب لأنه هو النافع الضار، وليس غيره الذي يعطي ويمنع، وبيَّن النبي عليه السلام أن أقدار الخلائق جميعاً قد كُتبت فلا زيادة ولا نقصان، وقد جفت الصحف عما كتبته الأقلام، فعبّر عن سبق القضاء والقدر برفع الأقلام وجفاف الصحف.


ما يرشد إليه الحديث

في الحديث العديد من الإرشادات والفوائد المهمة منها:[٤]

  • توجيه الأمة إلى التعامل مع الله بصدق، ومراقبته في الأمور كلها؛ فمنه النفع والضر.
  • إظهار عجز الخلائق وافتقارهم، والردّ على من يدّعي ويعتقد أن النفع والضرّ من عند غير الله سبحانه؛ كالأولياء، والصالحين، وأهل القبور.
  • الحثّ على تقوى الله وذلك في التزام أوامره ونواهيه .
  • الحثّ على عدم طلب العون والسؤال من غير الله تعالى.



مواضيع أخرى:

شرح حديث من ستر على مسلم

حديث نبوي يا غلام


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2516، صحيح.
  2. "تعريف و معنى غلام في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى استعنت في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "شرح حديث يا غلام إني أعلمك"، الدرر السنية شروج الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.