نص حديث أم زرع
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (جَلَسَ إحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وتَعَاقَدْنَ ألَّا يَكْتُمْنَ مِن أخْبَارِ أزْوَاجِهِنَّ شيئًا...قالتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أبو زَرْعٍ، وما أبو زَرْعٍ؟! أنَاسَ مِن حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، ومَلَأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إلَيَّ نَفْسِي، وجَدَنِي في أهْلِ غُنَيْمَةٍ بشِقٍّ، فَجَعَلَنِي في أهْلِ صَهِيلٍ وأَطِيطٍ، ودَائِسٍ ومُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أقُولُ فلا أُقَبَّحُ، وأَرْقُدُ فأتَصَبَّحُ، وأَشْرَبُ فأتَقَنَّحُ، أُمُّ أبِي زَرْعٍ، فَما أُمُّ أبِي زَرْعٍ؟! عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابنُ أبِي زَرْعٍ، فَما ابنُ أبِي زَرْعٍ؟! مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، ويُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بنْتُ أبِي زَرْعٍ، فَما بنْتُ أبِي زَرْعٍ؟! طَوْعُ أبِيهَا، وطَوْعُ أُمِّهَا، ومِلْءُ كِسَائِهَا، وغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ، فَما جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ؟! لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، ولَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، ولَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قالَتْ: خَرَجَ أبو زَرْعٍ والأوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً معهَا ولَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِن تَحْتِ خَصْرِهَا برُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي ونَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وأَخَذَ خَطِّيًّا، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وأَعْطَانِي مِن كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وقالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ومِيرِي أهْلَكِ، قالَتْ: فلوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أعْطَانِيهِ، ما بَلَغَ أصْغَرَ آنِيَةِ أبِي زَرْعٍ، قالَتْ عَائِشَةُ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ).[١][٢]
شرح حديث أم زرع
بيان ما دلّ عليه الحديث السابق فيما يأتي:[٢]
- دلّ الحديث السابق على مشروعيّة الثناء على الزوج ومدحه وبيان فضائله على زوجته وأهل بيته كما فعلت أم زرع.
- ذكرت أم زرع وهي عاتكة بنت أكميل بن ساعدة اليمنية فضائل زوجها؛ منها: إكرام زوجته بالحُلي والمجوهرات، وإطعام أهل بيته أجود أنواع الطعام وأفضله، وكان يقدّر زوجته ويعظّم أفعالها، وكان أهلها يرعون الغنم فأكرمها أبو زرعٍ إلى أن أصبحت من أصحاب الخيول والإبل؛ أي ممّا لهم مكانةً عند العرب قديماً، وجعل حياتها سهلةً يسيرةً بعد أن كانت صعبةً وشاقةً، كما أنّه يقدّر أقوالها ولا يقبّحها قطّ بل يُثني عليها، وكرت أم زرع أيضاً أنها تنام حتى الصباح، إذ جعل لها أبو زرع خدماً يتولّون أعمال المنزل.
- أثنت أم زرع على أم زوجها وابنه وابنته، وخادمته إذ كانت حافظةً لأسرار البيت لا تُذيعها أو تفشيها بين الناس، فكانت أمينةً حتى على طعامهم فلا تُفسده أو تفرّقه، وقائمةً بأعمال المنزل على أكمل وجهٍ.
- ذكرت أم زرع بعد كلّ الثناء على زوجها أنّه طلّقها وتزوّج من امرأةٍ أخرى، وتزوّجت هي أيضاً من رجلٍ كريمٍ رفع شأنها وكان يأمرها أيضاً بالتوسعة على أهلها يُضاهي كرم أبي زرعٍ بكثيرٍ، إذ أباح لها كل شيءٍ يملكه وأن تعطي منه أهلها، إلّا أنّها رغم كرم زوجها الثاني لم تفضّله في المحبة على زوجها الأول أبي زرع.
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم:5189، صحيح.
- ^ أ ب "حديث أم زرع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20/9/2021. بتصرّف.