نصّ حديث هذه خديجة

أخرج البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هذِه خَدِيجَةُ قدْ أتَتْ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أوْ طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ).[١]


شرح حديث هذه خديجة

معاني مفردات الحديث

فيما يأتي بيانٌ لمعاني أبرز المفردات الواردة في الحديث:

  • إناء: الوعاء الذي توضع فيه الأطعمة أو الأشربة.[٢]
  • إدام: جمعه أُدُم، وهو كلّ ما يُغمّس ويؤكل بالخبز؛ كالمرق، والخلّ، والزيت، ونحوها.[٣]
  • قصب: الدرّ المجوّف.[٤]
  • صَخَب: الضجّة والصياح والأصوات المرتفعة.[٥]
  • نَصَب: تعبٌ وعناءٌ.[٦]


المعنى الإجمالي للحديث

إنّ لزوجات النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فضلًا ومنزلةً عظيمةً؛ فهم أزواجٌ لخير البشر -عليه الصلاة والسلام-، وأمّهات المؤمنين، كما أنّهن أحسن النساء خُلقًا، وأكملهنّ إيمانًا، وأكثرهنّ تضحيةً وخدمةٍ للإسلام ودعوته، وجاءت أحاديث نبويَّةٌ تشير إلى فضلهنّ أو تخصيص بعضهنّ بفضلٍ ومنزلةٍ عظيمةٍ، وعلى رأسهنّ أمّ المؤمنين: خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، والتي جاء هذا الحديث ليبيّن فضلها.


ففي الحديث أنّ جبريل -عليه السلام- أتى إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأعلمه أنّ خديجة -رضي الله عنها- قادمةٌ إليه، وهي تحمل له معها طعامًا في إناءٍ، وأمر جبريلُ النبيَّ أن يبلّغ خديجة -رضي الله عنها- بسلامٍ مخصوصٍ من الله -سبحانه وتعالى- لها، ويبشّرها ببشارةٍ عظيمةٍ تنتظرها في الجنّة، وهي: بيتٌ أعدّه الله -تعالى- لها في الجنَّة، وهو ليس كأي بيت، وله صفاتٌ ومزايا ذكرها الحديث؛ فهو بيتٌ من درٍّ مجوّفٍ، وقيل قصرٍ من لؤلؤٍ مجوَّفٍ وياقوتٍ،[٧] ولأنّه بيتٌ في الجنَّة؛ فهو يختلف عن بيوت ومنازل الأرض، التي تضجّ بأصوات ساكنيها وأهلها وجلبتهم، أمّا في الجنّة فسكينةٌ وهدوءٌ، وبيوت الدنيا يحتاج إعمارها وإصلاحها إلى تعبٍ ومشقَّةٍ، أمّا بيوت الجنّة؛ فلا تعب فيها ولا مشقَّةٌ، ولا ابتلاءٌ من الابتلاءات التي تصيب أهل الدنيا.[٤]


الدروس المستفادة من الحديث

تجتمع في هذا الحديث الشريف جملةٌ من الدروس والمعاني العظيمة، ومن أبرز هذه الدروس والمعاني ما يأتي:[٧]

  • عِظم منزلة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- ومكانتها العالية؛ بدليل تكريم الله -تعالى- لها بإقرائها منه السلام بواسطة جبريل -عليه السلام-، وتبشيرها ببيتٍ في الجنّة ينتظرها.
  • إكرام الله -تعالى- لأمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- ببيت لا صخب فيه ولا نصبٌ؛ يناسب ويكافئ ما مرّت به ولاقته من صخبٍ وتعبٍ في سبيل الله -تعالى-؛ نصرةً لدينه، ومساندةً لنبيّه؛ فكما هوّنت خديجة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ما كان يلاقيه من مضايقةٍ، وتعبٍ وأذيَّةٍ من كفّار قريش؛ استحقّت -رضي الله عنها- أن يُكرمها الله -تعالى- بالسكينة والراحة ببيتٍ في الجنّة.



مواضيع أُخرى:

شرح حديث عليكنّ بحافات الطريق

شرح حديث حلاوة الإيمان

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3820، حديث صحيح.
  2. فضيّة: ما يشتمل على الصحون والملاعق ونحوها من أدوات,كلّ شيء يأتي مشابهًا لأصله. "معنى إناء"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.
  3. "شرح حديث: فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الخطابي، أعلام الحديث شرح صحيح البخاري، صفحة 911. بتصرّف.
  5. "معنى صخب"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.
  6. "معنى نصب"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022.
  7. ^ أ ب "شرح حديث: بشروا خديجة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.