نص حديث إن منكم منفّرين

أخرج الإمام البخاري في صحيحه في باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود، عن الصحابي الجليل أبي مسعود عقبة بن عمرو -رضي الله عنه- أنه قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي واللَّهِ لَأَتَأَخَّرُ عن صَلَاةِ الغَدَاةِ مِن أجْلِ فُلَانٍ؛ ممَّا يُطِيلُ بنَا فِيهَا، قالَ: فَما رَأَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَطُّ أشَدَّ غَضَبًا في مَوْعِظَةٍ منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فأيُّكُمْ ما صَلَّى بالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ؛ فإنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، والضَّعِيفَ، وذَا الحَاجَةِ).[١]


شرح حديث إن منكم منفّرين


بيان معاني مفردات الحديث

آتياً بيان معنى أبرز المفردات في الحديث:[٢]

  • صلاة الغداة: صلاة الفجر
  • منفّرين: ومقصودها ينفّرون الناس من الصلاة.
  • فليوجز: فليخفّف
  • الضعيف: المريض، أو الضعيف في خلقته كالمسنّ وضعيف البنية.
  • ذا الحاجة: صاحب الحاجة، أي يحتاج لتخفيف الصلاة، لأمر وحاجة له.


المعنى الإجمالي للحديث

حرص الدين الإسلامي في تشريعاته على اليسر والسماحة ورفع الحرج في التكاليف الشرعية وأدائها من المكلفين، حيث راعى جميع فئات البشر في تكاليفه من عبادات، ومعاملات، ونحوها، وخاصة يسره مع أصحاب الأعذار، من ضعفاء، ومرضى، ومشتغلين في مطالب الحياة وأمورها، وغيرها، حيث ورد هذا الحديث في هذا الغرض، وهو أمر الأئمة أن يخففّوا في صلاة الجماعة، فلا يطيلوا الصلاة على المأمومين؛ مراعاة لهم ولأحوالهم.[٣][٤]


ويروي لنا الصحابي أبو مسعود -رضي الله عنه- في هذا الحديث أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- شاكياً له أنه يتعمّد التأخر عن صلاة الفجر؛ بسبب الإمام الذي يصلّي خلفه؛ إذ إنه يطيل في الصلاة أكثر من السنة المطلوبة، فلما سمع -عليه الصلاة والسلام- ذلك غضب غضباً شديداً، حيث قال أبو مسعود أنه لم يره قد غضب مثله قطّ قبل ذلك، ثم قام -عليه الصلاة والسلام- ووعظ الناس وأخبرهم أن منهم منفرّين، ينفّرون المصلين عن الصلاة بسبب تثقيلها عليهم وإطالتها، كأن يطيل قيامه في القراءة، ونحوه من أفعال وأقوال الصلاة، وهذا من باب تنفير الناس عن الصلاة وعن أدائها جماعة.[٣][٤]


ثم أوصى -عليه الصلاة والسلام- الأئمة، وأمر كل من يصلي بالناس إماماً أن يخفّف في صلاته بحسب ما جاءت به السنة، فلا يطيلها على المأمومين؛ مراعاة لأحوالهم وتخفيفاً عليهم، وتسهيلاً لهم، فمن المأمومين لا يطيقون الإطالة في الصلاة، كالكبير في السن، ومنهم من يكون مريضاً، أو صغيراً، أو نحيفاً ضعيف الخِلقة والقوة، ومنهم من يكون لديه حاجة، ينتظرها أو يريد قضاءها بعد الصلاة، ونحو ذلك.[٣][٤]


أهمّ الدروس المستفادة من الحديث

يستفاد من هذا الحديث العظيم العديد من الفوائد والقِيم، من أبرزها ما يلي:[٥][٢]

  • سماحة الشريعة الإسلامية وحرصها على رفع الضرر والتكلفة على الناس.
  • ينبغي على الأئمة تحري الرفق والتسهيل على المأمومين، وأن يجتهدوا في ذلك، ترغيباً للناس بصلاة الجماعة، خشية تنفيرهم.
  • ينبغي على الأئمة أن يحرصوا على عدم الإخلال بالصلاة عند تخفيف الصلاة، فيتمّ أركانها وأفعالها وشروطها، ولا يأتي بفعل يبطلها، بحيث يكون تخفيف مع تمام.
  • الغضب لِما ينكر من أمور الدين؛ حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغضب عند انتهاك الحرمات، كما في غضبه لتطويل الإمام في الصلاة على الناس.
  • الحرص على اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به، حيث كان خير مطبّق لسماحة الإسلام والتيسير على الأمة، وكذا أسلوبه في النصح والموعظة، حيث لم يكن يخصّص أحداً في العتاب والتأديب، منعاً للخجل والحرج أمام الناس، بل كان ينصح الجميع، دون تعيين بلطفٍ ورفقٍ.
  • إن المقصد من صلاة الجماعة نشر الألفة والمحبة والتعارف بين المصلين، وتحبيب الصلاة إليهم، والترغيب في المحافظة على الجماعة، لا التنفير في تطويل الصلاة، فيقلّ المصلون ويتركون الجماعة.



مواضيع أخرى:

حديث عن عظم الصلاة

أحاديث عن الصلاة


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:7159، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب [https://www.alukah.net/sharia/0/149351/شرح-حديث-أبي-مسعود-"إن-منكم-منفرين"/ "شرح حديث أبي مسعود: "إن منكم منفرين""]، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "شرح حديث إن منكم منفرين"، الموسوعة الحديثية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "فتح الباري شرح صحيح البخاري، باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2022. بتصرّف.
  5. أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 5. بتصرّف.