نص حديث (أنا وكافل اليتيم)

أخرج البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا، وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى)؛[١] وفي رواية أخرى عن أبي هريرة، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ...).[٢]


شرح حديث (أنا وكافل اليتيم)

معاني كلمات الحديث

ورد في الحديث الشرح عدّة كلمات يجدر التنبيه إلى معناها قبل البدء بشرح الحديث؛ وهذه الكلمات هي:

  • اليتيم: هو من مات أبوه، ولم يبلغ سنّ الرشد،[٣] وقال بعض أهل العلم هو من مات أحد أبويه وهو صغير، فأدخلوا بهذا التعريف الصغير الذي تموت أمه.[٤]
  • السبّابة: "الإصبع التي بين الإبهام والإصبع الوسطى؛ قيل سميت السبّابة؛ لأنهم كانوا يشيرون بها بالسب والمخاصمة"، ويُسمى هذا الإصبع أيضاً بالمسبحة؛ لأنّه يُستخدم في تحريك حبات المسبحة عند التسبيح والاستغفار، ونحوه من الذكر،[٥] وكما تُسمّى المُشيرة؛ لأنّه يُشار بها إلى التوحيد.[٦]


شرح الحديث

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجر كافل اليتيم، الذي يقوم على أمره ويهتمّ بكسوته، ونفقته، وتأديبه، وتربيته؛ سواء من ماله أو من مال اليتيم ذاته بولاية شرعيّة؛ وسواء أكان رجلاً أو امرأة، قريباً أو بعيداً، بأنّ لهذا الكافل مكانة قريبة من النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنّة يوم القيامة، وهي أعظم وأشرف منزلة.[٦]


وقد قال بعض أهل العلم بأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قرّب إصبعيه السبابة والوسطى مع فرجة يسيرة بينهما؛ للإشارة إلى الفرق بين منزلة الأنبياء -عليهم السلام-، وبين الصالحين من آحاد الأمة،[٦] والسبب في تعظيم أجر كفالة اليتيم؛ أنّ هذا اليتيم افتقد من يقوم عليه، ويرعى أموره؛ فكان هذا الكافل بمنزلة الوالد الذي يرشده، ويعطف عليه، ويتوّلى رزقه وإطعامه وتوجيهه، بحكمة ورحمة وحنوّ، فكان له عونٌ في أشدّ حالات ضعفه، وجبرٌ في عز انكساراته.[٧]


فضائل وآثار كفالة اليتيم

رتّبت الشريعة الإسلامية على كفالة اليتيم أجوراً عظيمة؛ أبرزها -كما أُشير سابقاً- قرب منزلة الكافل من النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، وصحبته في الجنّة؛ بالإضافة إلى الفضائل والآثار الآتية:[٨]

  • تحصيل أجر الصدقة وأجر القرابة؛ في حال كانت هذه الكفالة للقريب الذي بينه وبين الكافل صلة رحم.
  • ترقيق القلب وإزالة القسوة عنه؛ وذلك لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلاً شكى له من قسوة قلبه، أن يمسح على رأس يتيم.
  • إظهار الفطرة النقيّة السليمة؛ الباعثة على الإنفاق والقيام بأمور هذا اليتيم.
  • تحقيق الخيرات والبركات في الدنيا قبل الآخرة.
  • تراحم المجتمع، وتعاونه على أعمال البرّ، وإزالة الأحقاد والضغينة من قلوب أفراده.
  • تزكيّة المال وتطهيره.
  • زيادة الرزق.
  • دلالة على صلاح المرأة التي مات عنها زوجها؛ فقامت على أبنائها، وكفلت أمورهم وعيالتهم؛ وهي أولى الناس بهذه الأجور.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:6005، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2983، صحيح.
  3. عبد العزيز السلمان، مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، صفحة 155. بتصرّف.
  4. أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 9، جزء 11. بتصرّف.
  5. محمد رواس قلعجي، معجم لغة الفقهاء، صفحة 239. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت حسن بن علي الفيومي، فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب، صفحة 547-548، جزء 10. بتصرّف.
  7. محمد عبد العزيز الخولي، الأدب النبوي، صفحة 116. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3264، جزء 8. بتصرّف.