نص الحديث

أخرج ابن أبي شيبة والطبراني والإمام أحمد واللفظ له، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: (يا طاعونُ خُذْني إليكَ، قال: فقالوا: أليس قد سَمِعتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ يقولُ: ما عُمِّرَ المُسلِمُ كان خَيرًا له؟ قال: بَلى! ولكنِّي أخافُ سِتًّا: إمارةَ السُّفهاءِ، وبَيعَ الحُكمِ، وكَثرةَ الشُّرَطِ، وقَطيعةَ الرَّحِمِ، ونَشْأً يَنشَؤون يَتَّخِذون القُرآنَ مَزاميرَ، وسَفْكَ الدَّمِ).[١]


التعريف براوي الحديث

عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني، يُكنَّى بأبي عبد الرحمن، وقيل أبو عبد الله، وقيل غيره، كان من نبلاء الصحابة، روى عنه كثير من الصحابة منهم: أبو هريرة، وأبو مسلم الخولاني، وماتا قبله بمدة، شهد غزوة مؤتة، مات سنة ثلاثة وسبعين.[٢]


شرح الحديث

معاني المفردات

سَفْكَ: سَفْكُ الدِّمَاءِ أي؛ إرَاقَتُهَا.[٣]


يروى في هذا الحديث أن مالك بن عوف الأشجعي -رضي الله عنه- قال: يا طاعون خذني إليك، وكأنه يتمنى الموت، فاعترض عليه الصحابة، وأنكروا عليه تمني الموت، لما عرفوه من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وذكَّروه بما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن العمر الطويل للمؤمن خير له، لما سيزداد فيه من الحسنات، فكلما طال عمر المؤمن كثُرت الصالحات فزادت الحسنات،[٤] فأيدهم مالك فيما قالوا، ولكنهم أخبرهم بخوفه مما سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سيحصل في آخر الزمان، فقد تحدث -صلى الله عليه وسلم- عن ست علامات من أشراط الساعة، إذا حصلت ووقعت تعسرت معها الأعمال الصالحة، أو ربما كانت سبباً في عدم قبول الأعمال الصالحة، وهذه العلامات الست هي:[٥]

  • إمارة السفهاء: والمقصود بالإمارة: أي الحكم، والمراد بالسفهاء: الجهُّال علمًا وعملًا، لما يحصل في إمارتهم من الظلم والفوضى، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم في حديث آخر جاء فيه: (أعاذَكَ اللَّهُ مِن أمارةِ السُّفَهاءِ، قالَ: وما أمارةُ السُّفَهاءِ؟ قالَ: أُمراءُ يَكونونَ بَعدي، لا يقتَدونَ بِهَديي، ولا يَستنُّونَ بسُنَّتي، فمن صدَّقَهُم بِكَذبِهِم، وأعانَهُم على ظُلمِهِم، فأولئِكَ ليسوا منِّي، ولستُ منهم، ولا يرِدوا علَى حوضي، ومن لَم يصدِّقهم بِكَذبِهِم، ولم يعِنْهم على ظُلمِهِم، فأولئِكَ منِّي وأَنا منهم، وسيَرِدوا علَى حوضي).[٦]
  • بيع الحكم: ويكون ذلك بأخذ الرشوة عليه، فيكون الحُكم مقابل المال.
  • كثرة الشُّرَط: والمقصود بهم أعوان الولاة، فيكثر الظلم بسببهم، وسموا بالشُّرَط لأنهم علَّموا أنفسهم بعلامات يُعرفون بها.
  • قطيعة الرحم: والمقصود بالرحم الأقارب والأرحام، وتكون قطيعتهم بهجرهم وعدم الإحسان إليهم.
  • نَشْأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزَامِيَرًا: والنشء هم الجيل من الشباب، والمقصود أنهم يتغنون بالقرآن بتلحين وتطريب مبالغ فيه، وقد خصَّهم بالذكر لحسن صوتهم وطراوته في هذا العمر، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم- حال الناس في ذلك الوقت وكيف أنهم يُقَدِّمُونَ الرجلَ ليس بأفقهِهِمْ ولا َأعْلَمِهِمْ، مايُقَدِّمُونَهُ إلَّا لِيُغَنِّيَهُمْ: أي يقدمون في مجالسهم وصلاتهم من ليس بأفقههم ولا أعلمهم، وإنما من يغني لهم القرآن ويطربهم بصوته، فيُخرج الحروف عن موضوعها، ويزيد وينقص من أجل تحسين لحنه، مع أن تقديم غير الأفقه والأعلم منهي عنه خاصةً في الصلاة.
  • سفك الدم: ويكون ذلك بإراقة الدماء والاستخفاف بها، والاستهتار بحرمتها، فلا يتم قصاصٌ من قاتل.


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:23970، حديث صحيح لغيره.
  2. "التعريف بالصحابي عوف بن مالك الأشجعي"، المكتبة الحديثية، اطّلع عليه بتاريخ 6/12/2021.
  3. "معنى سفك"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/12/2021.
  4. عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، صفحة 38. بتصرّف.
  5. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  6. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:260، حديث حسن.