نصّ الحديث

أخرج مسلم في صحيحه، عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (أنَّهُ جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ ما نَزَلَ الحِجَابُ، وَكانَ أَبُو القُعَيْسِ أَبَا عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ: وَاللَّهِ، لا آذَنُ لأَفْلَحَ، حتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ أَبَا القُعَيْسِ ليسَ هو أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ جَاءَنِي يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ، فَكَرِهْتُ أَنْ آذَنَ له حتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، قالَتْ: فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ائْذَنِي له. قالَ عُرْوَةُ: فَبِذلكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ ما تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ. [وفي رواية]: بهذا الإسْنَادِ، جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بنَحْوِ حَديثِهِمْ، وَفِيهِ: فإنَّه عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ).[١]


ومما تجدر الإشارة إليه أنه يقصد بالفحل؛ الرجل المتزوج بالمرأة المرضعة إذا كان لبنها منه، فمقصود لبن الفحل هو لبن المرأة المرضعة، إلا أنه نُسب للرجل بكلمة الفحل؛ لأنه حدث بسببه عن طريق الجِماع.


شرح حديث لبن الفحل

  • بيّن الإسلام أحكام الرضاعة؛ فذُكر بعضها في كتاب الله تعالى، وذُكر بعضها في بعض أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن أحكام الرضاعة قاعدة عامّة أنّه يَحرُم من الرضاعة ما يَحرُم من النسب، وفي هذا الحديث تخبرنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه جاء عليها أفلح أخا أبي القعيس، وهو عمّها من الرضاعة، فاستأذن ليدخل عليها فرفضت حتى تسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا سألته بيّن لها النّبي عليه السلام أنّه عمّها من الرضاعة، وطلب منها أن تأذن له بالدخول.[٢]
  • وكان سؤال عائشة أم المؤمنين للنبي عليه السلام بعد ذلك أنّ الذي أرضعها هي امرأة أبي القعيس وأفلح هو أخوه، فظنت عائشة أنّه لا يصبح عمّها من الرضاعة، فأكّد لها النبي عليه السلام أنّه عمّها، وكان ذلك بعد فرض الحجاب، ثم قالت عائشة -رضي الله عنها- "يَحرُم من الرضاعة ما يَحرُم من النسب"؛ أي أنّ المرأة إذا أرضعت طفلًا غير طفلها فإنّه يترتب على ذلك أحكام شرعية، فكل ما يحرم من النسب يَحرُم من الرضاعة أيضًا؛ فإذا كان العمّ من النسب يَحرُم على المرأة، فكذا يَحرُم العمّ من الرضاعة أيضًا.[٣]


فوائد حديث لبن الفحل

في الحديث فوائد عدة، أبرزها:[٣]

  • على المؤمن أن يتحرّى فيما لا يظهر له حكمه الشرعي؛ حتى يعرفه.
  • أنّ لبن الفحل يُحرّم؛ لأنّ اللبن للزوج الذي هو سببه.


أحاديث في التحريم من الرضاعة

  • أخرج مسلم في صحيحه، عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت:(كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ).[٤]
  • أخرج مسلم في صحيحه، عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أُرِيدَ علَى ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقالَ: إنَّهَا لا تَحِلُّ لِي، إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ. [وفي رواية]: غيرَ أنَّ حَدِيثَ شُعْبَةَ، انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وفي حَديثِ سَعِيدٍ: وإنَّه يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. وفي رِوَايَةِ بشْرِ بنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ زَيْدٍ).[٥]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1445، صحيح.
  2. "باب لبن الفحل"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "شرح حديث لبن الفحل"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة ام المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1452، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1447، صحيح.