نصُّ الحديث

أخرج الألباني في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرِّضا ومن سخِط فله السُّخطُ).[١]

وتالياً شرح الحديث ومفرداته وبيان أبرز ما يُستفاد منه.


شرح حديث عظم الجزاء وبيان فوائده

مفردات الحديث

في الحديث بعض المفردات نبين معناها تالياً:

  • عِظَمِ: عُرِفَ بِعِظَمِهِ: بِكِبَرِهِ، بِضَخَامَتِهِ.[٢]
  • البلاء: الْمَصاعِبَ والْمَصائِبَ.[٣]
  • الجزاء: ما يكافئ التصرف من خير أو شر.[٤]
  • السُخط: اِسْتِيَاء، تَذَمُّر.[٥]


شرح الحديث

من حكمة الله تعالى أنَّه يختبر عباده في الدنيا بمختلف أنواع البلايا، حتى يعلم الصابر الراضي منهم والساخط، والبلاء يكون في السراء والضراء على حدٍ سواء، وفي هذا الحديث يخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحسنات تزيد ويعظُم أجرها كلما عَظُمَ البلاء واشتد، فقال: "إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ"، ثم يبين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسباب ابتلاء الله للعبد، وأنها دليل خير إن استقبلها بالرضا، فقال النبي -عليه السلام-: "وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم"، أي: اختبرهم بالبلايا والمحن، ثم قال -عليه السلام-: " فمن رضِي فله الرِّضا"، أي: من قابل البلايا والمحن التي تعتريه في الدنيا بالرضا والتسليم والصبر؛ فإن الله تعالى يرضى عنه ويجزيه الخير الجزيل والأجر العظيم في الآخرة، فتكون هذه البلايا مُكفرات للذنوب، يمحص الله بها الصابرين، ليلقوه مُطهرين من الذنوب في الآخرة، وقوله -عليه السلام-: "ومن سخِط فله السُّخطُ"، أي: من قابل البلايا والمحن بالسُخط والتأفف وكره وقوعها؛ فإنه يُقَابل بمثل ذلك، والجزاء من جنس العمل، فإن الله يغضب عليه فلا يرضى عنه، وله العقاب في الآخرة، فتكون هذه الكروب والشدائد عذاب لهم في الدنيا، ولعدم رضاهم فلا أجر لهم في الآخرة.[٦]


ما يُستفاد من الحديث

في الحديث فوائد عدة، منها:[٧]

  • أن المحن والبلايا في الدنيا إنما هي كفارات لأهل الإيمان، وكروب وشدة لأهل السُخط والعصيان.
  • الحث على الصبر والتسليم للبلاء إذا وقع.
  • قد يكره الإنسان شيئاً وهو خير له.
  • الجزاء من جنس العمل.


أحاديث في الصبر على البلاء

  • أخرج الألباني في صحيح الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً؟، قال: الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثَلُ، فيُبتلى الرَّجلُ على حسْبِ دينِه، فإن كانَ في دينهِ صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ على حسْبِ دينِه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي على الأرضِ ما عليْهِ خطيئةٌ).[٨]
  • أخرج ابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (دخَلْتُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمسَسْتُه، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّك لتوعَكُ وعكًا شديدًا، فقال: أجَلْ إنِّي أوعَكُ ما يوعَكُ رجلانِ منكم، قُلْتُ: إنَّ لك أجرينِ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أجَلْ، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والَّذي نفسي بيدِه ما على الأرضِ مسلمٌ يُصيبُه أذًى مِن مرَضٍ فما سواه إلَّا حطَّ اللهُ عنه خطاياه كما تحُطُّ الشَّجرةُ ورَقَها).[٩]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2396، حديث صحيح.
  2. "معنى عِظم"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021.
  3. "معنى البلاء"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021.
  4. "معنى الجزاء"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021.
  5. "معنى السُخط"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021.
  6. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2021. بتصرّف.
  7. "حديث: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء"، موسوعة الأحاديث النبوية، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:2398.
  9. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2937.