نص حديث يسري على كتاب الله
روى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبيّ عليه الصلاة والسلام أنّه قال: "يُدرسُ الإسلامُ كما يدرُسُ وَشيُ الثَّوبِ حتَّى لا يُدرَى ما صيامٌ، ولا صلاةٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدَقةٌ، ولَيُسرى على كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ في ليلَةٍ، فلا يبقى في الأرضِ منهُ آيةٌ، وتبقَى طوائفُ منَ النَّاسِ الشَّيخُ الكبيرُ والعجوزُ، يقولونَ: أدرَكْنا آباءَنا على هذِهِ الكلمةِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فنحنُ نقولُها فقالَ لَهُ صِلةُ: ما تُغني عنهم: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَهُم لا يَدرونَ ما صلاةٌ، ولا صيامٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدقةٌ؟ فأعرضَ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ ردَّها علَيهِ ثلاثًا، كلَّ ذلِكَ يعرضُ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ أقبلَ علَيهِ في الثَّالثةِ، فقالَ: يا صِلةُ، تُنجيهِم منَ النَّار ثلاثًا".[١]
شرح حديث يسرى على كتاب الله
شرح المفردات
مما يأتي بيان بعض ألفاظ الحديث:[٢]
- يُدرس وشي الثوب: يمحى نقش الثوب المرسوم فيه.
- لا يُدرى: لا يُعرف في ذلك الوقت.
- وليُسرى على كتاب الله في ليلة: يذهب بالليل فلا يبقى في الأرض منه آية.
- نُسك: العبادة والطاعة وما يُتقرّب به إلى الله من صالح الأعمال.[٣]
معنى الحديث
يخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يكون عليه المسلمون من حالٍ في آخر الزمان؛ حيث تُمحى آثار الإسلام وأحكامه كما يمحى النقش عن الثوب، فلا يعرف الناس في ذلك الوقت صيامًا ولا صلاةً ولا نسكًا ولا صدقةً، ويذهب القرآن الكريم في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض آيةٌ؛ أي يمحو الله -عزّ وجلّ- القرآن من الكتب وصدور الرجال، وتبقى جماعات من الناس: الشيخ الكبير والعجوز، يقلّدون آباءهم من المسلمين في ذكرهم لكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله"، ويردّدونها دون علمٍ أو عملٍ بمقتضياتها، فسأل أحد كبار التابعين وهو صلة بن زفر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: بماذا تفيدهم وتنفعهم كلمة التوحيد وترديدها وهم لا يعرفون أحكام الدين ولا يطبّقونها؟ وسؤاله استنكارٌ وتعجُّبٌ من أن تنفعهم كلمة التوحيد وترديدها مجرَّدةً دون علمٍ وعملٍ، فأعرض عنه حُذيفة -رضي الله عنه- ولم يجبه على استنكاره، ثمّ أعاد صِلة بن زفر السؤال على حذيفة ثلاث مرَّاتٍ؛ فأجاب حذيفة -رضي الله عنه- صلة في المرة الثالثة، فقال له: يا صلة تنجيهم كلمة التوحيد من النار، وكرر عليه ذلك ثلاث مرَّاتٍ للتأكيد، وشاهد ذلك قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "من قال لا إله إلا اللهُ دخل الجنَّةَ"،[٤] وتأويل كلام حذيفة -رضي الله عنه- محمولٌ على أنّ هؤلاء الناس معذورون لعدم علمهم بوجوب هذه الأحكام، أو أنّهم يدخلون النار ثمّ يُخرجون وينجون منها بفضل لا إله إلا الله.[٢][٥]
ما يرشد إليه الحديث
يرشد الحديث الشريف إلى جملةٍ من الفوائد والمعاني، منها:[٢][٥]
- أنّ الجهل يستحكم في آخر الزمان، ويُرفع العلم ويندر ويقلّ، ويكثر الجهلة ولا يبقى من العلماء إلّا قلَّةٌ لكنّهم مغمورون.
- أنّ من علامات الساعة ذهاب العلم ورفع القرآن الكريم من الصدور والسطور.
- أنّ الفئة الباقية في آخر الزمان والمردّدة لكلمة التوحيد، تُعذر بجهلها؛ لارتفاع القرآن والعلم وندرة العلماء، فينجيهم تمسّكهم بلا إله إلا الله من النار.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:3289، صحيح.
- ^ أ ب ت على كتاب الله&st=w&xclude=&rawi[= "شرح حديث يسرى على كتاب الله"]، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 18/11/2021.
- ↑ "تعريف ومعنى نسك"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:127، إسناده صحيح.
- ^ أ ب أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 4. بتصرّف.