حديث يدل على أن المتعطرة زانية

نصّ حديث إذا استعطرت المرأة

أخرج الترمذي في سننه، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "كل عينٍ زانِيةٍ، والمرأةُ إذا استعطرتْ فمرتْ بالمجلسِ، فهي كذا وكذا يعني: زانيةٌ".^[١]

وآتيًا شرحٌ للحديث وبيانٌ لأبرز ما يُستفاد منه.

شرح حديث إذا استعطرت المرأة

معاني المفردات

آتيًا بيانٌ لأبرز معاني المفردات:

• كل عينٍ زانية: المراد إذا نظرت إلى ما لا يحلّ لها.^[٢]
• استعطرت: العطر اسمٌ جامعٌ للأشياء التي يُتطَّيب بها لحُسن رائحتها.^[٣]
• زانية: الزنا هو إتيان الرجل للمرأة بغير عقدٍ شرعيّ.^[٤]

المعنى الإجمالي للحديث

حثّت الشّريعة الإسلاميّة على الالتزام بفضائل الأعمال والأخلاق، وحذّرت من الوقوع في كلّ ما يؤدي إلى انحلال المجتمع وإفساده، وفي الحديث يخبر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ويحذّرنا من الوقوع في أحد أنواع ومقدمات الزنا؛ ألّا وهو زنا النّظر؛ فيقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- "كلُّ عينٍ زانيةٌ"؛ أي أنّ الرجل إذا نظر لامرأةٍ لا تحل له، وقيل إن كان النّظر نظر شهوةٍ؛ فإنّه يأثم على نظره، وقد يودي به نظره هذا إلى الوقوع في الزنا، ثمّ قال: "والمرأةُ إذا استعطَرَت فمرَّت بالمَجلسِ فَهيَ كذا وَكذا. يعني زانيةً"؛ أي أنّ المرأة إذا وضعت على نفسها العطر ذو الرائحة النافذة؛ ليشتمّه الرجال من غير محارمها، وخرجت من بيتها فمرّت بمجلسٍ فيه رجالٌ أجانب، فهي بذلك آثمة وقد يؤدي فعلها هذا إلى تعرّضها للزنا أو للأذى؛ لما لرائحة العطر من أثرٍ في تحريك وتهييج الشّهوة عند الرجال.^[٥]

الدروس المستفادة من الحديث

في الحديث جملةٌ من الفوائد المهمة، منها ما يلي:^[٥]

• أنّ الزّنا لا ينحصر بالفرج وإنّما هو نوعان: زنا الفرج، وزنا الجوارح ومنه؛ زنا النظر.
• في الحديث حثٌ على عدم التّساهل بالصغائر والإصرار عليها؛ لأنّها قد تكون مقدِّمةً للوقوع في الكبائر.

أحاديث في ذمّ الزنا

وردت أحاديث نبويَّةٌ كثيرةٌ في ذمّ الزنا والتحذير منه ومن مقدّماته، منها ما يلي:

• ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وهو مُؤْمِنٌ، والتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ".^[٦]
• ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "أربعةٌ يُبغِضُهم اللهُ: البيَّاعُ الحلَّافُ، والفقيرُ المخْتالُ، الشيخُ الزَّاني، والإمامُ الجائرُ".^[٧]
• ما رُوي عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنّه قال: "إنَّ فَتًى شابًّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، ائذَنْ لي بالزِّنا، فأَقْبلَ القومُ عليه فزَجروهُ، وقالوا: مَهْ! مَهْ! فقالَ: ادنُهْ، فدَنا منهُ قريبًا. قالَ: فجَلسَ، قالَ: أتُحبُّهُ لأُمِّكَ؟ قالَ: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لأُمَّهاتِهِم. قالَ: أفتحبُّهُ لابنتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يحبُّونَه لبَناتِهِم. قالَ: أفتُحبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لأخواتِهِم. قال: أفتُحبُّهُ لعمَّتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لعمَّاتِهِم. قال: أفتُحبُّه لخالتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لخَالاتِهِم. قال: فوَضعَ يدَهُ عليه، وقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ ذَنبَه، وطَهِّرْ قلْبَه، وحَصِّنْ فَرْجَه، فلم يَكُن بَعدُ ذلِك الفَتَى يَلتَفِتُ إلى شيءٍ".