أخرج الإمام الألباني في صحيح ابن ماجه عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).[١]
معاني المفردات
فيما يلي بيان أهم معاني المفردات الواردة في الحديث:
- صُفِّدت: صَفَّده؛ أي قيَّده وأوثقه.[٢]
- أقصِر: أَقْصَرَ عن الشيءِ؛ أي كفَّ ونَزَعَ عنه وهو يقدِرُ عليه.[٣]
شرح الحديث
فيما يلي بيان المعنى الإجمالي للحديث:[٤][٥]
- مَنَّ الله تعالى على عباده بمواسم تكثر فيها الخيرات وتتضاعف فيها الأجور، ويسخّر الله لعباده فيها من الأسباب ما يُعينهم على أداء الطاعات على أكمل وجه، ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك، حيث يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن هناك علامات تدل على دخول هذا الشهر المبارك، وفي نفس الوقت هي هدايا من الله جلّ وعلا لعباده.
- أول هذه الهدايا أن الشياطين تُصَفَّد؛ أي تشُدَّ عليها السلاسل والأغلال وكذا على مردة الجنّ وهم رؤساء الشياطين، والحكمة من ذلك حتى لا توسوس للصائم بالشرّ فتفسد عليه صومه، فيقلّ إضلال الشيطان عن الصائم، وهذا من فضل الله وكرمه، وقيل أن هذه الفضيلة إنما تكون للصائم الذي عرف حقّ الصيام وشروطه وآدابه، أما الذي لا يناله من صيامه إلا امتناعه عن الأكل والشرب فليس له ذلك.
- والهدية الثانية هي إغلاق أبواب النار، وفتح أبواب الجنة، وهذا تأكيداً في زيادة منع أبواب الشرّ، وفتح أبواب الخير، ليتسنّى للصائم تحصيل الكثير من الأجر والثواب والمغفرة.
- والهدية الثالثة أنه ينادي منادٍ من عند الله عز وجل بقول "يا باغي الخير أقبل"؛ أي يا طالب العمل والأجر أقبل على الله في الاجتهاد بطاعته؛ وفيه ترغيب للقيام بالطاعات والأعمال الصالحة، لِما في هذا الشهر من الخير الكثير والأجر المضاعف، "ويا باغي الشر أقصر"؛ أي يا مريد المعصية أمسك عن المعاصي، وارجع إلى الله تعالى، فهذا هو وقت الرجوع إلى الله، والتوبة إليه، وفيه دعوة للامتناع عن الشر والإمساك عنه.
- ومما ينبغي الإشارة إليه أن الله تعالى قد تفضّل على عباده بأن جعل في كل ليلة من ليالي هذا شهر رمضان عتقاء من النار وهذا من رحمته وفضله سبحانه، فاللبيب من يحرص أن يكون منهم فيجتهد بالطاعات ويتجنب المنكرات، حتى يُرزق النجاة من النيران والفوز بالجنان.
فوائد الحديث
يرشدنا الحديث إلى أمور عدة، منها:[٤]
- الحثّ على الاجتهاد بالطاعات، واغتنام مواسم الخير التي تتضاعف فيها الأجور.
- بيان رحمة الله وكرمه وفضله على عباده، بإعانتهم وتهيئة الأسباب لهم، لتحصيل الأجور ومضاعفتها.
- بيان أن النار حق والجنة حق، وأن لهما أبواب تفتح وتغلق .
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1339، صحيح.
- ↑ "معنى صفد"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "معنى أقصر"، معجم المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب "شرح حديث يا باغي الخير"، الدرر السنية شروج الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "تحفة الأحوذي-كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2021. بتصرّف.