حديث وادي سلبة

نص الحديث

(عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ قالَ: جاءَ هلالٌ أحدُ بَني مُتْعانَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعُشورِ نَحلٍ لَهُ، وَكانَ سألَهُ أن يحميَ لَهُ واديًا، يقالُ لَهُ: سَلبةُ، فحَمى لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ذلِكَ الوادي، فلمَّا وُلِّيَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ كتبَ سفيانُ بنُ وَهْبٍ، إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ يسألُهُ عن ذلِكَ، فَكَتبَ عمرُ رضيَ اللَّهُ عنهُ: إن أدَّى إليكَ ما كانَ يؤدِّي إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مِن عشورِ نحلِهِ، فاحمِ لَهُ سلَبةَ، وإلَّا، فإنَّما هوَ ذبابُ غيثٍ يأكلُهُ مَن يشاءُ).[١][٢]


شرح الحديث

بيان شرح الحديث النبوي السابق آتياً:[٢]

  • ذُكر وادي سَلَبة في الحديث النبوي السابق أنّه وادٍ من الأودية التي حرسها وحماها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان وادي للنحل لإنتاج العسل، وكانت تلك الحماية مقابل عُشر ما يُنتجه النحل من عسلٍ، أمّا مِلك ذلك الوادي فكان لهلال من بني مُتعان.
  • تولّى عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- خلافة المسلمين بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكرٍ -رضي الله عنه-، وكان قد جعل سفيان بن وهب -رضي الله عنه- عاملاً على الطائف يُدير شؤونها وشؤون الرعيّة فيها، فبعث بكتابٍ إلى عمر بن الخطاب يُخبره عن حماية وادي سَلَبَة مقابل أخذ عُشر عسل النحل ويستفسر منه عن صحّة ذلك الأمر، فأخبره عمر -رضي الله عنه- أنّه يحقّق الحماية والحراسة لذلك الوادي إن أدّى صاحبه كما كان يؤدي للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أي العُشر من إنتاج العسل، فإن لم يؤدِ ذلك المقدار فلا حماية وحراسة للوادي، ويكون العسل مباحاً للجميع على حدٍّ سواءٍ، وذلك يدلّ على أنّ عمر بن الخطّاب كان يتّبع نهج النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصاحبه أبي بكرٍ -رضي الله عنه- في أمور الخلافة.
  • استدلّ الإمام أحمد بن حنبل وأبو حنيفة النعمان بالحديث السابق على وجوب الزكاة في العسل، فقالوا إنّ العُشر الذي أخذه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من صاحب الوادي إنّما هو في الحقيقة زكاة العسل وليس أجر حماية وحراسة الوادي، وقد استشهدوا بأحاديث وآثار أخرى، منها: الأدلة العامة التي أوجبت الزكاة في كلّ مالٍ واعتبار العسل مالاً من تلك الأموال، قال -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)،[٣] وقال أيضاً: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)،[٤] فالزكاة تجب في العسل بحسب قول الإمام أحمد وأبي حنيفة وخاصةً بعد تخصيص مزارع لإنتاج العسل بغرض التجارة فيه، وقد استدلّوا أيضاً بما ورد عن عمرو بن شعيب: (أنّ أمير الطائف كتب إلى عمر بن الخطاب أنّ أهل العسل منعونا ما كانوا يعطون من كان قبلنا قال: فكتب إليه إن أعطوك ما كانوا يعطون رسول الله فاحمِ لهم وإلّا فلا تَحْمِها لهم).[٥]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1600، حسن.
  2. ^ أ ب "حديث وادي سلبة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/9/2021. بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية:103
  4. سورة الذاريات، آية:19
  5. حسام الدين عفانة، فتاوى د حسام عفانة، صفحة 20. بتصرّف.