نصُّ الحديث
أخرج البخاري في صحيحه، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ).[١] وآتياً شرح الحديث ومعانيه وبيان ما يُستفاد منه.
شرح الحديث وبيان مفرداته وما يُستفاد منه
معاني المفردات
وتاليًا بيان معاني ألفاظ الحديث:
- بيِّن: البَيِّنُ: الواضح.[٢]
- مشتبهات: الشُّبْهَةُ، ما الْتبس أَمرُه فلا يُدْرَى أَحلالٌ هو أَم حرام.[٣]
- الحمى: ما يخصصه الإمام من الأرض لمواشي الدولة ويمنع مواشي الناس عنه.[٤]
- مضغة: وهي القطعة الصغيرة من اللحم، وتطلق على الجنين عندما يصبح قطعة من اللحم في رحم أمه.[٥]
شرح الحديث
يعتبر هذا الحديث من الأحاديث المهمة في الإسلام، فهو من جوامع الكلم التي اشتملت على معانٍ عظيمة، تُبنى عليها الكثير من الأحكام الشرعية، وفيما يلي بيان معانيه:[٦][٧]
- في هذا الحديث يحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الورع، وترك المشتبهات في الدين، فالحلال ظاهر واضح، وهو كل شيء لم يرد نصٌّ بتحريمه، سواء من الكتاب أو من السنة أو غيرها من مصادر التشريع، والأصل في الأشياء الإباحة، والحرام كذلك واضح ظاهر لورود الأدلة بتحريمه، وبيَّن النبي عليه السلام أن بين الحلال والحرام قسمٌ ثالث، وهي المشتبهات، والمراد بها: تلك التي ليس فيها حكم واضح من الحلِّ أو الحرمة، ويُلحق بها جميع الأمور المشكوكِ بها.
- ثم بيَّن النبي عليه السلام أنه من ترك الشبهات وتجنبها فإنه بذلك يحفظ دينه من النقص، وعرضه من الذم والسمعة السيئة، أما من وقع في الشبهات وتجرأ عليها فقد عرَّض نفسه للوقوع في الحرام، وشبَّه النبي عليه السلام من تجرأ على الشبهات "كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى"، وهو المكان الذي جعله الملك لرعي مواشيه، وكان قد توعد من يرعى فيه بأشد العقوبات، فالراعي حول هذا الحمى ربما تدخل ماشيته لأرض الملك، فيستحق بذلك عقوبته، وكذلك من وقع في الشبهات يستحق عقوبة الله -تعالى-، لأن هذه الشبهات قد تكون حراماً أو تؤدي إلى الحرام.
- ولربما تساهل المرء في الشبهات، فأدى به إلى الاستهتار واللامبالاة إلى الوقوع في الحرام متعمداً، فإن الشبهة تجرُّ الصغيرة، والصغيرة تجرُّ الكبيرة، ثم قال النبي عليه السلام: "ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ"، أي أن حمى الله هي المعاصي التي حرمها على عباده، فمن دخل هذا الحمى بارتكاب المعاصي هلك، ومن قاربها بالشبهات فإنه في خطر، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أساس صلاح الجسد وفساده، ألا وهو القلب فإنه إن صلح قلب الإنسان صلحت إرادته وصلحت جوارحه، فتجنب سخط الله وحرامه، وإن فسد القلب فسدت إرادته وجوارحه فتجرأ على المعاصي والآثام.
فوائد الحديث
في الحديث فوائد عدة، نذكر منها ما يلي:[٦]
- الحث على الورع، وترك الشبهات.
- إن الوقوع في المشتبهات، قد يؤدي للوقوع في الكبائر.
- إن الأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يرد نص بتحريمها.
- القلب هو أساس الصلاح والإيمان.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:52، صحيح.
- ↑ "معنى بيِّن"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
- ↑ "معنى مشتبهات"، معجم المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
- ↑ "معنى الحمى"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
- ↑ "معنى مضغة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
- ^ أ ب الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 17/12/2021. بتصرّف.
- ↑ إسلام ويب (6/4/2003)، "شرح حديث " الحلال بين والحرام بين ""، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.