نص حديث ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً

أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (ما مِن عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْها بنَصِيحَةٍ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ)،[١] وفي رواية الإمام مسلمٍ عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: (إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ).[٢]


شرح حديث ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية

مفاد الحديث الشريف ومعناه أنّه ما من إنسانٍ يتولّى مسؤوليةً ما أو يجعله الله تعالى في راعيًا على أمرٍ من الأمور أيًّا كان هذا الأمر؛ وهو الذي عبّر عنه النبيّ بقوله: "يسترعيه رعيّةً"، والرعاية من الحفظ والصيانة، أيًّا كانت الرعيّة، سواء كان أميرًا ولو على عددٍ قليلٍ من الناس، أو كانت امرأةً في بيتها، أو عاملًا في عمله، فلم يقم بالنصح لهذه الرعية أو أداء حقوقها الواجبة عليه، كان جزاؤه الحرمان من الجنّة، وفي رواية البخاريّ: "لم يجد رائحة الجنّة"، ورائحة الجنّة تُشمّ من مسافة سبعين سنةً؛ فذلك دلالةٌ على بعد الجنّة عن الذي لا يؤدّي حقّ رعيته وحرمانه منها، وفي رواية الإمام مسلم أنّ الراعي إذا مات غاشًّا لرعيته، وفي الحديث الشريف تحذيرٌ من خيانة أمانة ما استأمن الله -تعالى- الإنسان عليه وما وُكّل به من المسؤوليات، وتحذيرٌ من الغش الناسِ الذين يقعون تحت مسؤوليته ورعايته بعدم النصح لهم، أو عدم أداء حقوقهم، ولفظ الحديث عامٌّ؛ أي يشمل كلّ إنسانٍ مكلّفٍ بحفظ أو رعاية غيره.[٣][٤]


وقد وردت أحاديث نبويّة عديدةٌ تحثّ على أداء المسؤوليات ورعايتها، وأمانة القيام بها، وتحذّر من تضييعها أو التفريط فيها، منها ما أخرج البخاري ومسلمٌ في صحيحيهما ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَلا كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالأمِيرُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ، وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، وهو مَسْؤُولٌ عنْهمْ، والْمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ بَعْلِها ووَلَدِهِ، وهي مَسْؤُولَةٌ عنْهمْ، والْعَبْدُ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مَسْؤُولٌ عنْه، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)؛[٥][٦] ففي هذا الحديث يذكّر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المسلمين أنّ كلّ واحدٍ منهم إلّا ولديه ما يرعاه ويدخل تحت مسؤوليته من الأشخاص والأعمال، يتوجّب عليه حفظها وأداء حقوقها، فالأمير أو الحاكم مسؤولون عن الناس الذين يحكمهم، والرجل مسؤول عن أهل بيته وأفراد أسرته الذين يعولهم، والمرأة مسؤولةٌ في بيتها عن أداء واجباتها تجاه زوجها وأولادها، الخادم مسؤولٌ عن القيام بخدمة من يعمل عنده ويشترك مع الخادم كلّ أجيرٍ، وكلّ واحدٍ يحمل مسؤولية من يرعاهم وسيحاسب أمام الله تعالى ويُسأل عن أداء مسؤولياته التي عليه.[٧]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:7150، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:142، صحيح.
  3. "شرح حديث ما من عبدٍ يسترعيه الله"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/09/2021. بتصرّف.
  4. "معنى حديث: ما من عبد يسترعيه الله رعية"، إسلام ويب، 29/01/2019، اطّلع عليه بتاريخ 29/09/2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1829، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2554، صحيح.
  7. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث كلكم راعٍ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/09/2021. بتصرّف.