نص الحديث
أخرج البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: (صَعِدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِنْبَرَ، وكانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً علَى مَنْكِبَيْهِ، قدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ إلَيَّ، فَثَابُوا إلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّ هذا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ، يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ، فمَن ولِيَ شيئًا مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَطَاعَ أنْ يَضُرَّ فيه أحَدًا أوْ يَنْفَعَ فيه أحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ ويَتَجَاوَزْ عن مُسِيِّهِمْ).[١]
مفردات الحديث
نبين آتياً معاني ألفاظ الحديث:
- ملحفة: ما تلبسه المرأة فوق ثيابها كالجلباب.[٢]
- منكبيه: المَنْكِبُ: مُجْتَمَعُ رأْس العَضُد والكتف.[٣]
- عصابة: العمامةُ.[٤]
- فثابوا إليه: اجتمعوا حوله.[٥]
شرح الحديث
وردت في السنة أحاديث كثيرة بيَّن النبي عليه السلام فيها فضل الأنصار، ومنها ما جاء في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فقال أن النبي عليه السلام أوصى بالأنصار في مرضه وآخر حياته، حين قام على المنبر لابساً على منكبيه إزاراً كبيراً كالمعطف، وكان قد عصب على رأسه بعصابة، ربطها بعمامته التي تغير لونها بسبب كثرة الطيب، فصار كلون الزيت الداكن، ثم نادى في الناس فاجتمعوا إليه، فقال عليه السلام: "أما بعد"، وهي كلمة تقال عند إرادة الفصل بين الكلام والانتقال منه إلى غيره، وذلك بعدما تشهد وأثنى على الله تعالى، ثم قال: "فإنَّ هذا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ، يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ"، أي يقل عددهم، وكان قد قل عدد الأنصار بعد ذلك بالفعل حتى صاروا نُدرةً، ثم أوصى الناس أنه من ولي منهم إمارة، فاستطاع من خلالها أن يضر أحد أو ينفعه بسلطانه؛ فليَقبل من الأنصار ممن يحسن منهم، ويعف ويتجاوز عمن أساء منهم، وذلك في غير حدود الله تعالى.[٦][٧]
ما يرشد إليه الحديث
في الحديث مجموعة من الإرشادات المهمة، منها:[٦]
- مشروعية قول الخَطيب في خُطْبته "أما بعد".
- الوصية للأمراء بتقوى الله والإحسان إلى الناس.
- رفع شأن الأنصار، والتحذير من إيذائهم.
أحاديث في مدح الأنصار
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن البراء بن عازب رضي الله عنه: (عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قالَ في الأنْصارِ: لا يُحِبُّهُمْ إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُمْ إلَّا مُنافِقٌ، مَن أحَبَّهُمْ أحَبَّهُ اللَّهُ ومَن أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ اللَّهُ).[٨]
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ).[٩]
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، رَأَى صِبْيَانًا وَنِسَاءً مُقْبِلِينَ مِن عُرْسٍ، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُمْثِلًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ يَعْنِي الأنْصَارَ).
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:927.
- ↑ "معنى ملحفة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
- ↑ "معنى منكب"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
- ↑ "معنى عصابة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
- ↑ "تعريف و معنى ثاب"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِنْبَرَ، وكانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً علَى مَنْكِبَيْهِ، قدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ إلَيَّ، فَثَابُوا إلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّ هذا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ، يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ، فمَن ولِيَ شيئًا مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَطَاعَ أنْ يَضُرَّ فيه أحَدًا أوْ يَنْفَعَ فيه أحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ ويَتَجَاوَزْ عن مُسِيِّهِمْ&st=w&xclude=&rawi[= "شرح حديث عصب الرأس"]، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:75.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3784.