شرح حديث ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة

ثبت حديث (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة) بأكثر من روايةٍ في صحيح مسلم وغيره، وفي كلّ متن يذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاث فئات من النّاس غير الذين ثبت ذكرهم في المتون الأخرى، ونوضّح ذلك باختصارٍ فيما يأتي:

  • الثلاثةُ المقصودون في الرواية الأولى: المُسبل إزاره، والمنّان، والحالف في البيع كذباً.
  • الثلاثة في الرواية الثانية: الشيخ الزّاني، والملك الكذّاب، والفقير المتكبّر.
  • الثلاثة في الرواية الثالثة: رجلٌ يمنع الناس من الماء، ورجلٌ يحلف كذباً، ورجلٌ يُبايع الإمام لمصلحة.


شرح الرواية الأولى

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ قالَ: فَقَرَأَها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ مِرار، قالَ أبو ذَرٍّ: خابُوا وخَسِرُوا، مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: المُسْبِلُ، والْمَنَّانُ، والْمُنَفقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ).[١]


وفي هذا الحديث النبوي الشريف يخبرنا النبيّ الكريم عن ثلاثةٍ من العصاة لا يُكلّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر لهم، ولهم عذابٌ أليم، وهم:[٢]

  • المُسبِل: وهو مَن يُطيل إزاره ورداءَه ويجرّه تكبُّراً على غيره، وإعجاباً بنفسه بين النّاس، فيكسر قلوب الفقراء، ويتكبّر على خلق الله، وهذا جزاؤه الإذلال والإهانة يوم القيامة.
  • المنّان: وهو مَن يُعطي العطيّة كالصّدقة ونحوها ولا يُخلص بها وجه الله، بحيث يمنّ بها على الفقير أو على مَن أعطاه، فيخسر ثواب عطيّته، ويُحرم من رحمة الله في الآخرة.
  • المنفق سلعته بالحلف الكاذب: وهو التاجر الذي يستهتر باسم الله -تعالى-، فيحلف أمام النّاس كذباً حتى يبيع سلعته، وهو ممّن ينطبق عليه قول الله -سبحانه-: (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).[٣]


شرح الرواية الثانية

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، قالَ أبو مُعاوِيَةَ: ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ)،[٤] وهؤلاء الثلاثة كلّ منهم قد ارتكب ذنوباً مع ضعف دواعيها في نفسه، وبعدها عنه، وعدم اضطراره إليها، ونوضّح ذلك فيما يأتي:[٥]

  • الشيخ الزاني: وهذا استحقّ العذاب أكثر لأنّه ارتكب ذنب الزّنا رغم تقدّمه في السنّ، وضعف شهوته.
  • الملك الكذّاب: وهذا غنيٌّ عن الكذب وغير محتاجٍ إليه، وتكبّر على مَن ليس له جاه ولا مال.
  • العائل المستكبر: وهو العائل الفقير الذي يستعلي ويتكبّر على النّاس مع أنّه فاقدٌ لأسباب التكبّر من المال والثروة والجاه.


شرح الرواية الثالثة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ علَى فَضْلِ ماءٍ بالفَلاةِ يَمْنَعُهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، ورَجُلٌ بايَعَ رَجُلًا بسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ له باللهِ لأَخَذَها بكَذا وكَذا فَصَدَّقَهُ وهو علَى غيرِ ذلكَ، ورَجُلٌ بايَعَ إمامًا لا يُبايِعُهُ إلَّا لِدُنْيا فإنْ أعْطاهُ مِنْها وفَى، وإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْها لَمْ يَفِ)،[٦] وهؤلاء الثلاثة هم:[٧]

  • الرجل على فضل ماء يمنعه من ابن السبيل: فهذا الرجل عنده ماء كثير في أرضٍ تخلو من السكّان، ويأتي إليه ابن السبيل المار ليشرب الماء فيمنعه من ذلك، فيُحرم من رحمة الله في الآخرة بسبب ذلك.
  • الرجل الذي يحلف على بيع سلعته كذباً: وهو رجلٌ يحلف كذباً للمشتري أنّه اشترى السلعة بكذا وكذا، فيُصدّقه المشتري ويشتريها بناءً على ما سمعه من البائع، مع أنّ كلامه خلاف ذلك.
  • الرجل الذي يُبايع الإمام لمصلحة: فهذا يغشّ المسلمين وإمامهم، ويُسبّب الفِتن، وينقض الأمانة وعهد الله، ويُبايع الإمام لغرضٍ أو مصلحةٍ دنيويّة، فإن أعطاه الإمام أتمّ بيعته، وإن لم يُعطِهِ لم يبقَ على بيعته.[٨]



مواضيع أخرى:

أحاديث عن الظلم

أحاديث عن أكل حقوق الناس

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:106، صحيح.
  2. موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 344-345، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية:94
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:107، صحيح.
  5. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 117، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:108، صحيح.
  7. ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، صفحة 646، جزء 6. بتصرّف.
  8. القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم، صفحة 386، جزء 1. بتصرّف.