الصدق والأمانة

يُعد كل من الصدق والأمانة من الأخلاق التي كانت منتشرة في الجاهلية قبل الإسلام، وجاء الإسلام فأقرّها وحمدها وحث عليها، وقد وردت في ذلك عدة أحاديث منها ما جمع بين الخُلقين، ومنها ما تحدث عن كل خلق بشكل منفصل، وكذلك قد ورد الحث على الصدق والأمانة في القرآن الكريم، إذ قال تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: آية 23] (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) [النساء: آية 58]، وخلال هذا المقال سوف نستعرض أحد الأحاديث التي ورد فيها فضل الصدق والأمانة.


أحاديث عن الصدق والأمانة وشرحها


أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، صدْقُ الحديثِ، وحفْظُ الأمانةِ، وحُسْنُ الخُلقِ، وعفَّةُ مَطْعَمٍ.


روى هذا الحديث بلفظه كل من عبد الله بن عمر بن الخطاب،[١] وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، ويبين رسول الله في هذا الحديث فضل حسن الخلق، إذ إن فضله يصل إلى أن من اتصف فيه لم يضره ما فاته من الدنيا، أي ما لم يتمكن من تحصيله، وقد ذكر في هذا الحديث أربع من مكارم الأخلاق وهي: صدق الحديث؛ أي أن لا يتحدث المسلم إلا بصدق في جميع أموره، وحفظ الأمانة؛ وذلك يكون في الأموال والأعمال، أي أن يؤدي العامل أمانته من خلال إخلاصه في عمله وإكماله على أفضل وجه.[٢]


كما جاء في الحديث ذكر حسن الخلق، ويكون حسن الخلق في التعامل مع الناس من خلال كف الأذى عنهم، والتحدث معهم باللين والتبسّم بوجوههم، والإحسان لهم والصبر على ما بدر منهم من سوء، وكذلك يكون حسن الخلق مع الله من خلال الرضاء بقدره والحمد على النعم والصبر على الابتلاء، وأخيرًا ذكر الحديث عفة المطعم، والذي يكون من خلال تحري الكسب الحلال، وأن يكون الطعام والشراب الذي يتناوله المسلم أصله حلال، والله أعلم.[٢]


آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ.


لم يرد لفظ الصدق والأمانة في هذا الحديث على نحو صريح،[٣] وإنما دلالة معنى الحديث هي عن الصدق والأمانة، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ النفاق الذي قصد فيه بهذا الحديث، وهو النفاق العملي والذي يعد من الكبائر ولكنه لا يخرج المسلم من الملة، على عكس النفاق العقدي والذي يكون بأن يظهر المرء الإسلام أمام الناس، ولكنه في قلبه مشرك، فهذا النفاق يُخرج صاحبه من الملة.[٤]


ويذكر الحديث الشريف أنّ من علامات نفاق الأعمال أن يكون المسلم غير صادقٍ في أحاديثه، وكذلك إذا قطع على نفسه وعداً لم يوفِ به، بالإضافة إلى أنه لا يؤدي الأمانات إلى أصحابها إذا اؤتمن، وهنا تشابه فعل المسلم مع نفاق المنافق العقدي، لذا يعد هذا الحديث تحذيرًا للمسلمين بأن لا يتخلقوا بأخلاق المنافقين.[٤]



المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص وابن عباس، الصفحة أو الرقم:873، صحيح.
  2. ^ أ ب "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/11/2023. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:33، صحيح.
  4. ^ أ ب "شروح الاحاديث"، الدرر السنية. بتصرّف.