أحاديث يأمر فيها النبيّ بأداء الأمانة

إنّ الأمانة من أهم الأخلاق الحسنة التي يجب على المسلم أن يتحلّى بها، إذ قال الله -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)،[١] ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي يأمر فيها النبيّ بأداء وحفظ الأمانة ما يأتي:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنكَ، ولا تخنْ من خانكَ).[٢]
  • قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (أَخْبَرَنِي أبو سُفْيَانَ أنَّ هِرَقْلَ قَالَ له: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أنَّه أمَرَكُمْ بالصَّلَاةِ، والصِّدْقِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأمَانَةِ، قَالَ: وهذِه صِفَةُ نَبِيٍّ).[٣]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (اضْمَنُوا لي سِتًّا من أنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الجنةَ: اصْدُقُوا إذا حَدَّثْتُمْ، وأوْفُوا إذا وعَدْتُمْ، وأَدُّوا الأمانةَ إذا ائتُمِنْتُمْ، واحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وغُضُّوا أَبْصارَكُمْ، وكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ).[٤]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (أربَعٌ إذا كانَ فيكَ لا يَضُرُّكَ ما فاتَكَ مِن الدُّنيا: حِفظُ أمانةٍ، وصِدقُ حَديثٍ، وحُسنُ خَليقةٍ، وعِفَّةُ طُعمةٍ).[٥]


أحاديث تحذّر من تضييع الأمانة

إنّ تضييع الأمانة أو خيانتها سببٌ لكسب الإثم العظيم والعذاب يوم القيامة، فقد بيّنت الأحاديث النبوية أنّ خيانة الأمانة من صفات المنافقين، والمرء الذي يغشّ رعيّته ويضيّع الأمانة التي بين يديه يُحرم من الجنة في الآخرة، ومن الأحاديث التي تدلّ على ذلك ما يأتي:

  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ).[٦]
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ).[٧]


أحاديث عن تضييع الأمانة آخر الزمان

إنّ حمل الأمانة مسؤولية عظيمة لا يُضيّعها الإنسان إلا بسبب جهله وظلمه، لذا قال -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾،[٨] وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أوَّلَ ما تَفقِدون مِن دِينِكم الأمانةُ، وآخِرَ ما يَبْقى الصَّلاةَ)،[٩] ومن الأحاديث الأخرى التي تتحدّث عن ضياع الأمانة في آخر الزمان ما يأتي:


إذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (بيْنَما النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أعْرَابِيٌّ فَقالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُحَدِّثُ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ ما قالَ فَكَرِهَ ما قالَ. وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ: أيْنَ -أُرَاهُ- السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ قالَ: هَا أنَا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قالَ: كيفَ إضَاعَتُهَا؟ قالَ: إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ).[١٠]


ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه

عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ قدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ حَدَّثَنَا: أنَّ الأمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ القُرْآنُ، فَعَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عن رَفْعِ الأمَانَةِ قالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمَانَةُ مِن قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمَانَةُ مِن قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ علَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَليسَ فيه شيءٌ، ثُمَّ أَخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ علَى رِجْلِهِ).[١١]


ويُكمل حذيفة ويقول: (فيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأمَانَةَ حتَّى يُقالَ: إنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حتَّى يُقالَ لِلرَّجُلِ: ما أَجْلَدَهُ ما أَظْرَفَهُ ما أَعْقَلَهُ وَما في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إِيمَانٍ. وَلقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَما أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِنْ كانَ نَصْرَانِيًّا، أَوْ يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليومَ فَما كُنْتُ لِأُبَايِعَ مِنكُم إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا).[١١]

المراجع

  1. سورة النساء، آية:58
  2. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2331، صحيح على شرط مسلم وله شاهد.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سفيان بن حرب، الصفحة أو الرقم:2681، صحيح.
  4. رواه أحمد، في المسند، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:22809، قال الألباني صحيح لغيره.
  5. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8089، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:33، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:142، صحيح.
  8. سورة الأحزاب، آية:72
  9. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن شداد بن معقل، الصفحة أو الرقم:8762، صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:59، صحيح.
  11. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:143، صحيح.