العسل على الريق

لم يرد في حديثٍ مرفوعٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يشرب العسل على الريق، كما لم ترد رواياتٌ عنه -عليه الصلاة والسلام- في كيفيّة شربه أو أكله للعسل،[١] وما ورد في شرب العسل على الريق؛ فهو من كلام العلماء ونقولاتهم لا من حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومن ذلك قول ابن القيّم -رحمه الله-: "فَإِنَّ شُرْبَهُ وَلَعْقَهُ عَلَى الرِّيقِ يُذِيبُ الْبَلْغَمَ وَيَغْسِلُ خَمْلَ الْمَعِدَةِ، وَيَجْلُو لُزُوجَتَهَا، وَيَدْفَعُ عَنْهَا الْفَضَلَاتِ"،[٢] أمّا ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصحّ بشأن العسل وشربه، فكان في جملةٍ من أحاديث نبويَّةٍ تشير إلى حبّه للعسل، وأحاديث أخرى تبيّن أنّ في العسل شفاءً، وتحثّ على التداوي به، وفيما يأتي ذكرها.


أحاديث نبويَّةٌ عن العسل

أحاديث عن محبّة النبيّ للعسل

جاءت أحاديث نبويَّةٌ على ذكر شرب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للعسل، وتدلّ على محبّته -عليه الصلاة والسلام- له، وأنّه كان يشربه إذا قدّمه أحدٌ له، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:

  • ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- من قوله: (لقَدْ سَقَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقَدَحِي هذا الشَّرَابَ كُلَّهُ: العَسَلَ وَالنَّبِيذَ، وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ)،[٣] والقدح هو الإناء أو الكأس الذي يشرب به الشراب، والنبيذ؛ هو منقوع التمر أو الزبيب أو نحوهما دون أن يصل حدّ الإسكار.[٤]
  • ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من قولها: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ العَسَلَ والحَلْوَاءَ، وكانَ إذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ علَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِن إحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ علَى حَفْصَةَ بنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أكْثَرَ ما كانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عن ذلكَ، فقِيلَ لِي: أهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِن قَوْمِهَا عُكَّةً مِن عَسَلٍ، فَسَقَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه شَرْبَةً).[٥]


أحاديث عن التداوي بالعسل

وردت أحاديث عدَّةٌ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تؤكّد على أنّ في العسل شفاءً، وتحثّ على التداوي والتشافي به، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:

  • ما رواه أبو سعيدٍ الخدريّ -رضي الله عنه- من قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: إنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اسْقِهِ عَسَلًا فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقالَ: إنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلًا فَلَمْ يَزِدْهُ إلَّا اسْتِطْلَاقًا، فَقالَ له ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقالَ: اسْقِهِ عَسَلًا فَقالَ: لقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إلَّا اسْتِطْلَاقًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ فَسَقَاهُ فَبَرَأَ).[٦]
  • ما رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنْ كانَ في شَيءٍ مِن أدْوِيَتِكُمْ -أوْ: يَكونُ في شَيءٍ مِن أدْوِيَتِكُمْ- خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أوْ لَذْعَةٍ بنارٍ تُوافِقُ الدَّاءَ، وما أُحِبُّ أنْ أكْتَوِيَ)؛[٧] ففي الحديث يرشد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى طرقٍ للتداوي؛ هي الحجامة؛ ويُقصد بها إحداث جرحٍ طفيفٍ في مواضع من الجسم؛ لإخراج الدم الفاسد، والتداوي بشرب العسل، والتداوي بالكيّ، وبيّن -عليه الصلاة والسلام- كراهيته له إلّا إذا تعيّن وسيلةً للشفاء وكان سبيله الوحيد.[٨]

المراجع

  1. "التداوي بالعسل وهل يمزج بالماء أم يشرب خالصًا"، إسلام ويب، 10/5/2011، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2022. بتصرّف.
  2. ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 205. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2008، حديث صحيح.
  4. "شرح حديث: سقيتُ رسول الله"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2022. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5268، حديث صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2217، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5683، حديث صحيح.
  8. عبد الله بن مانع الروقي، لب اللباب مختصر شرح فصول الآداب، صفحة 66-67. بتصرّف.