أحاديث في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه بوجوب التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر بين المسلمين، والحثّ على ضرورة القيام به، ومن هذه الأحاديث:

  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ)،[١] فهذا الحديث يبيّن وجوب تغيير المنكر بحسب القدرة والاستطاعة، والتدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تغيير المنكر من الإيمان.
  • ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ)،[٢] ففي هذا الحديث بيان أن من آداب الطريق وحقوقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوبٍ حسنٍ ومعاملةٍ طيبةٍ.
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في الحديث الذي يرويه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (ما مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ في أُمَّةٍ قَبْلِي إلَّا كانَ له مِن أُمَّتِهِ حَوارِيُّونَ، وأَصْحابٌ يَأْخُذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقْتَدُونَ بأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّها تَخْلُفُ مِن بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يقولونَ ما لا يَفْعَلُونَ، ويَفْعَلُونَ ما لا يُؤْمَرُونَ، فمَن جاهَدَهُمْ بيَدِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بلِسانِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بقَلْبِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ)،[٣]فهذا الحديث يوضح ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميته في الحياة، وأنه يشترط لوجوبه العلم بأن الفعل منكر أو معروف، وأن يكون قادراً مستطيعاً على ذلك.


أحاديث في التحذير من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

حذّر -صلى الله عليه وسلم- من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونهى عن تركه والتهاون به، وبيّن ترتب المفاسد والآثار السيئة والعقوبة التي تصيب المسلمين والمجتمع ككلّ، ومن ذلك:

  • ما رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم)،[٤] ففي هذا الحديث تحذيرٌ وترهيبٌ من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث أقسم -عليه الصلاة والسلام- بأن يحرص المسلمون عليه، فإذا تركوه فهو إشارة إلى اقتراب حلول عقاب عليهم من الله، حتى إذا دعوتم الله أن يرفع عقابه عليكم لن يستجيب لكم، وهذا فيه مبالغة في العقوبة.
  • ما رواه جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي-عليه الصلاة والسلام-: (ما من رجلٍ يكونُ في قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي يقدِرون على أن يُغيِّروا عليه فلا يُغيِّروا إلَّا أصابهم اللهُ بعذابٍ من قبلِ أن يموتوا)،[٥] حيث يبين الحديث أن القوم إذا لم يغيّروا المنكر الذي يقوم به الرجل منهم وهم قادرون على تغييره، فإن الله سيعجّل لهم العذاب والعقاب في الدنيا قبل الآخرة، وفي حياتهم قبل مماتهم.
  • ما رواه قيس بن أبي حازم -رضي الله عنه-: (قال أبو بكرٍ ، بعد أن حمِد اللهَ وأثنَى عليه : يا أيُّها النَّاسُ ، إنَّكم تقرءون هذه الآيةَ ، وتضعونها على غيرِ موضعِها عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإنَّا سمِعنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : إنَّ النَّاسَ إذا رأَوُا الظَّالمَ فلم يأخُذوا على يدَيْه أوشك أن يعُمَّهم اللهُ بعقابٍ وإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي ، ثمَّ يقدِرون على أن يُغيِّروا ، ثمَّ لا يُغيِّروا إلَّا يوشِكُ أن يعُمَّهم اللهُ منه بعقابٍ).[٦]


حديث في عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويفعله

بين النبي -عليه الصلاة والسلام- سوء صنع من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويأتيه، وقبح فعله، وما يحل عليه من عذاب يوم القيامة، فجاء في الحديث: (يُجَاءُ بالرَّجُلِ يَومَ القِيَامَةِ فيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُهُ في النَّارِ، فَيَدُورُ كما يَدُورُ الحِمَارُ برَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أهْلُ النَّارِ عليه فيَقولونَ: أيْ فُلَانُ، ما شَأْنُكَ؟ أليسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بالمَعروفِ وتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟! قالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بالمَعروفِ ولَا آتِيهِ، وأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وآتِيهِ)،[٧] حيث إنه يُلقى في النار، وتخرج أمعاؤه من بطنه بسرعة من شدة العذاب وحرّ النار، ويدور على هذه الحال في النار كما يدور الحمار على الرحى؛ وهو الحجر الكبير الذي يطحن به الحب، ويكون الحمار مربوطاً به بالحبل، فيبقى يدور الحجر حتى يطحن الحب، وهكذا حاله في النار، والعياذ بالله.



مواضيع أخرى:

شرح حديث عليكن بحافات الطريق

حديث عن عدد عظام الإنسان


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:49، حديث صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2465، حديث صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 50، حديث صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:2169، حديث حسن.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن جرير بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:4339، حديث حسن.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن قيس بن أبي حازم، الصفحة أو الرقم:4338، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم:3267، حديث صحيح.