لم يرد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- حديثٌ مباشرٌ في وضع اليد على الخدّ، ولم تثبت روايةٌ تنهى عن وضع اليد على الخد؛ فيبقى هذا الفعل في دائرة الأمور المباحة؛ لعدم ورود ما يُحرّمه، إلا أنّه وردت أحاديث عن النبيّ تناولت وضع اليد تحت الخدّ؛ وذلك بوضع النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- ليده تحت خدّه عند النوم، ووردت أحاديث متعلّقة بالنهي عن لطم الخد باليد، وورد عنه -عليه الصّلاة والسّلام- حديثٌ في وضع اليد على الخصر، وفيما يأتي ذكرٌ لهذه الأحاديث وبيانها.


حديث وضع اليد تحت الخد عند النوم

روى الإمام البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّه قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ باسْمِكَ أمُوتُ وأَحْيا وإذا اسْتَيْقَظَ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيانا بَعْدَ ما أماتَنا وإلَيْهِ النُّشُورُ"،[١] ومن العلماء من قال باستحباب وضع اليد تحت الخد عند النوم؛[٢] لفعل النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، واقتداءً به يستجبّ لمن أوى فراشه أن يضع يده تحت خدّه، ويقول دعاء النوم: باسمك اللهم أموت وأحيا؛ لكون النوم موتًا أصغرًا، فإذا استيقظ الإنسان؛ فلأنّ الله -سبحانه وتعالى- قد ردّ روحه إليه، وإذا استيقظ حمد الله -سبحانه وتعالى- على ردّ روحه إليه وبعثها فيه من جديدٍ؛ فيكون بذلك ذكرُ الله تعالى أوّل عملٍ يقوم به المسلم إذا استيقظ، وآخر عملٍ يقوم به حين ينام.[٣]


حديث النهي عن لطم الخد

روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: "ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"؛ ففي هذا الحديث الشريف ينبّه النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أصحابه -رضي الله عنهم- والمسلمين بعدهم إلى اجتناب أفعالٍ اعتادها الناس في الجاهلية إذا حلّت بهم مصيبة الموت، فذكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه ليس من أهل سنّته وطريقته من إذا مات له قريبٌ لطم الخد؛ أي ضرب خدّه بيده، وشق ثيابه من شدّة الحزن والجزع وناح على الميّت كما كان يفعل أهل الجاهلية.[٤]


حديث النهي عن وضع اليد على الخصر في الصلاة

روى الإمام بالخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: "نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا"،[٥] ففي هذا الحديث الشريف ينهى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- عن فعلٍ من الأفعال التي تؤثّر على صلاة المسلم، وخشوعه فيها، وهو فعل التّخصّر؛ أي أن يضع المسلم يده أو كلتا يداه على خصره أثناء الصّلاة؛ لكون هذا الفعل غير لائقٍ بالصّلاة، من حيث منافاته للخشوع المطلوب فيها، ولما فيه من معان الكبر كذلك، والحديث بمضمونه يفيد النهي عن كلّ هيئةٍ أو فعلٍ يفعله المصلي في صلاته من الهيئات المستقبحة التي تتعارض مع الخشوع في الصلاة وتؤثّر عليه.[٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:6314، صحيح.
  2. القسطلاني، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، صفحة 182. بتصرّف.
  3. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/09/2021. بتصرّف.
  4. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/09/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1220، صحيح.
  6. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/09/2021.