خصّ الله -تعالى- النحل وكرّمه، فسمّى سورةً من سور القرآن الكريم باسمه دلالةً على أهميته، وبيّن ما يُنتجه من العسل في قوله: (وَأَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمّا يَعرِشونَ*ثُمَّ كُلي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخرُجُ مِن بُطونِها شَرابٌ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ)،[١][٢] فقد نبّه الله -تعالى- عباده على ما أنعم عليهم من النِّعم التي لا تعدّ ولا تُحصى، ومنها: عسل النحل، فقد وجّه الله -تعالى- النحل وأرشده للعيش وفق سننٍ معينةٍ تحقيقاً للمَهمّة التي كُلّف بها لخدمة الإنسان بالعسل الذي يُنتجه، فقد ألهمها للعيش في الجبال والشجر، ثمّ أمرها أن تأكل من كلّ الثمرات وتسعى لتحصيل رزقها وألّا تعتمد على إطعام الإنسان لها، ليُخرج الله العسل من النحل فيكون آيةً من آياته مختلفاً في ألوانه، وبيّن -سبحانه- أنّ العسل شفاءٌ للإنسان، وما كلّ ذلك إلّا آيةً من آيات الله -سبحانه- تُثبت قدرته في التصرّف في الكون، وتدعو العباد للتفكّر والتدبّر في أسرار الكون وخفاياه، وإثبات وحدانية الله -تعالى-.[٣]


أحاديث عسل النحل

ورد ذكر عسل النحل في عدّة أحاديث نبويةٍ يُذكر منها آتياً الأحاديث الصحيحة:

  • (إنْ كانَ في شَيءٍ مِن أدْوِيَتِكُمْ -أوْ: يَكونُ في شَيءٍ مِن أدْوِيَتِكُمْ- خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أوْ لَذْعَةٍ بنارٍ تُوافِقُ الدَّاءَ، وما أُحِبُّ أنْ أكْتَوِيَ) .[٤]
  • أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: أخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فقالَ: اسْقِهِ عَسَلًا، ثُمَّ أتَى الثَّانِيَةَ، فقالَ: اسْقِهِ عَسَلًا، ثُمَّ أتاهُ الثَّالِثَةَ، فقالَ: اسْقِهِ عَسَلًا، ثُمَّ أتاهُ فقالَ: قدْ فَعَلْتُ؟ فقالَ: صَدَقَ اللَّهُ، وكَذَبَ بَطْنُ أخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا، فَسَقاهُ فَبَرَأَ).[٥]
  • أخرج البخاري عن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ والعَسَلَ).[٦]
  • أخرج البخاري عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه-: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قَالَ: الشِّفَاءُ في ثَلَاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وكَيَّةِ نَارٍ). [4]


دلالات أحاديث عسل النحل

دلّت الأحاديث النبوية التي ذُكر فيها عسل النحل على العديد من الدلالات والإشارات المبيّنة فيما يأتي:[٧]

  • بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الأحاديث السابقة أنّ العسل سببٌ من أسباب تحصيل الشفاء من الأمراض، مع الإشارة إلى أنّ استعماله للشفاء يكون بأكثر من طريقةٍ من أبرزها شُربه.
  • تشير الأحاديث النبويّة السابقة إلى أنّ الأخذ بالأسباب واجبٌ على المسلم؛ فأكل عسل النحل سببٌ من أسباب الشفاء، وإن كان الله -سبحانه وتعالى- قد قدّر الأقدار، إلّا أنّه أمر العباد بالأخذ بالأسباب؛ حتّى يحصّلوا المنافع، ويدفعوا عن أنفسهم المضار بأخذهم بهذه الأسباب بعد مشيئة الله تعالى.



مواضيع أخرى:

ما صحة حديث عسل بنها؟

هل ورد شرب العسل على الريق في حديث عن الرسول؟


المراجع

  1. سورة النحل، آية:68-69
  2. د. حذيفة أحمد الخراط (16/7/2012)، "من فوائد سائل العسل"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.
  3. لطفي مصطفى عبدالله (4/10/2011)، "النحل والعسل.. عظات وعبر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:5683، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:5684، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5599، صحيح.
  7. "شرح حديث الشفاء في ثلاثة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.