إنّ لعلماء الحديث الشريف فضلًا عظيمًا ودورًا هامًّا في خدمة السنّة النبويّة؛ وذلك بعنايتهم بالحديث النبويّ، من خلال تصنيف المصنّفات التي جمعت الأحاديث النبويّة، وعنايتهم بتنقيح هذه الأحاديث والحكم عليها وشرحها؛ فأسدوا للأمّة بذلك خدمةً عظيمةً بحفظهم لسنّة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- المتمثّلة بالأحاديث النبويّة، وهي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم،[١] ومن علماء الحديث من كرّس حياته لخدمة الحديث النبويّ وحفظه؛ حتّى لقّب بسبب هذا الجهد العظيم بلقب: أمير المؤمنين في الحديث، وآتيًا ذكرٌ لأبرز من لُقّب بهذا اللقب من علماء الحديث


لقب أمير المؤمنين في الحديث

أُطلق لقب أمير المؤمنين في الحديث على عددٍ من علماء الحديث الذين اشتهروا بهذا العلم، وكانوا ذوي سعةٍ ودقّةٍ في حفظ الحديث النبويّ والمعرفة فيه، كما أنّهم أئمةٌ في الجرح والتعديل؛ أي في نقد الرواة والتّثبّت من أحوالهم.[٢]


أمراء المؤمنين في الحديث

ذكر بعض العلماء أنّ هذا اللقب أطلق على ستّةٍ وعشرين عالمًا من علماء الحديث ومنهم من زاد عليهم، وآتيًا ذكرهم حسب تاريخ وفاتهم:[٣]

  • أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني التابعي: كان إمامًا فقهيهً حافظًا، ولد سنة خمسٍ وستّين للهجرة، وروى عن أنس بن مالك وأبي أمامة بن سهل، وأبان بن عفان، وغيرهم، ووثّقه الإمامان أحمد وابن معين ولقّبه سفيان بلقب أمير المؤمنين في الحديث.[٤]
  • أبو بكر محمد بن إسحاق المطلبي المدني: وهو العلّامة الحافظ، ابن إسحاق بن يسار صاحب كتاب المغازي في السيرة النبويّة، ولد سنة ثمانين للهجرة، وروى الحديث عن كثيرين منهم عمّه موسى بن يسار، وأبان بن عفان، وقال عنه يحيى بن معين إنّه ثقة حسن الحديث.[٥]
  • أبو بكر هشام بن أبي عبد الله، الدَّستُوائي البصري: كان حافظًا حجّةً في الحديث، حدّث عن يحيى بن أبي كثير وحمّاد الفقيه وغيرهم، قيل فيه إنّه طلب الحديث يريد به الله تعالى، وكان من أشهر حُفّاظ البصرة.[٦]
  • أبو بسطام شعبة بن الحجاج الواسطي البصري: كان إمامًا حافظًا، وهو عالم أهل البصرة وشيخها، وقيل فيه إنّه كان من أوعية العلم، روى كثيرًا من الأحاديث وانتشر حديثه في الآفاق.[٧]
  • أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الكوفي: وهو إمامٌ حافظٌ من أشهر علماء زمانه، ولد سنة سبعٍ وتسعين للهجرة، وله كتاب الجامع، روى عنه كثيرون، وتوفّي سنة مئة وستٍّ وعشرين.[٨]
  • أبو سلمة حماد بن دينار البصري: وهو الإمام أبو سلمة البصري، قيل عنه إنّه كان بحرًا من بحور العلم، وصدوقًا حجّة في الحديث.[٩]
  • أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي المدني: وهو الإمام مالك إمام دار الهجرة، العَلم الحجّة، ولد على الأصح سنة ثلاثٍ وتسعين للهجرة، وله كتاب الموطأ.[١٠]
  • أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك، المروزي: وهو من الأئمة الأعلام في الحديث، ولد سنة مئةٍ وثمانية عشر للهجرة، روى عنه كثيرون، وحديثه حجّةٌ بإجماع العلماء، وهو في كتب المسانيد والأصول.[١١]
  • أبو محمد عبد العزيز بن محمد الدَّراوَردي المدني: وهو إمامٌ عالمٌ محدّث، روى عنه سفيان الثوري، وشعبة وغيرهم.[١٢]
  • أبو عبد الله الفضل بن موسى السِّيْناني المروزي: إمامٌ فقيه من كبار الفقهاء، أخذ الفقه عن أبي حنيفة، وكان متقنًا ومجوّدًا للحديث.[١٣]
  • أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري: كان إمامًا حافظًا من كبار علماء الحديث البصريين، وله علم في علل الحديث والرجال، روى عنه كثيرون، وقال فيه الإمام أحمد بن حنبل: "مَا رَأَيْتُ بِعَيْنِي مِثْلَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ".[١٤]
  • أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد السهمي المدني الواقدي: أحد كبار العلماء، وله كتاب المغازي، وسمع الحديث من صغار التابعين.[١٥]
  • أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي: وهو إمامٌ حافظٌ من كبار أئمة الحديث، حدّث عنه الإمام البخاريّ كثيرًا وغيره من المحدّثين.[١٦]
  • أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك البصري: وهو إمامٌ فقيه، وثقةٌ حافظٌ، روى عنه كثيرون، منهم البخاريّ وأبو داود وغيرهم.[١٧]
  • أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر البصري: هو الإمام الحجة المعروف باسم المدينيّ، ساد الحفّاظ في زمانه في علم علل الحديث، وتوفّي سنة مئةٍ وثمانٍ وسبعين.[١٨]
  • أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي: وهو الإمام الكبير في الحديث المعروف بإسحاق بن راهويه، ولد سنة مئةٍ وإحدى وستين للهجرة، حدّث عنه كثيرون، منهم أحمد بن حنبل، يحيى بن معين، البخاري، ومسلم وغيرهم.[١٩]
  • أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: من أبرز علماء الحديث، وهو صاحب الجامع الصحيح، ولد في بخارى سنة مئة وأربعٍ وتسعين، وحفظ الأحاديث وهو في الكتّاب صغيرًا وارتحل في طلب الحديث.[٢٠]
  • أبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري: إمام أهل الحديث بخرسان، وارتحل في طلب الحديث إلى أماكن كثيرةٍ، وروى عنه كثيرون، منهم الترمذي وابن ماجة والنسائيّ في سننهم.[٢١]
  • أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس الحنظلي الرازي: إمامٌ حافظٌ من أئمة الحديث برع في المتن والإسناد وسائر علوم الحديث من عللٍ وتجريحٍ وتعديلٍ.[٢٢]
  • أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي: إمام حافظٌ مجوّد من أشهر علماء الحديث، وإليه انتهى الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله، بالإضافة إلى علومٍ أخرى كالقراءات والفقه والعلم بالمغازي وغيرها.[٢٣]
  • أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد الجَمَّاعِيلي المقدسي: إمامٌ حافظٌ، ولد في جماعيل سنة خمسمئة وإحدى وأربعين للهجرة، ارتحل كثيرًا في طلب العلم والحديث، إلى بغداد ومصر وغيرهما، وله كتاب الأحكام الكبرى، والأحكام الصغرى.[٢٤]
  • أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن خليل الشافعي: وهو الإمام العلّامة من أهل الاجتهاد المعروف بأبي إسحاق الإسفراييني، حدّث عنه كثيرون منهم أبو بكر البيهقي، وارتحل في طلب الحديث والعلم.[٢٥]
  • أحمد بن علي بن محمد بن حجر الكناني المصري العسقلاني: وهو من أبرز العلماء الذين اهتمّوا بعلم الحديث وصنّفوا، ومن أبرز مصنّفاته؛ فتح الباري شرح صحيح البخاري، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والإصابة في تمييز الصحابة.[٢٦]
  • أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن الدَّيْبَع الشيباني الزبيدي اليمني: كان إمامًا ثقةً حافظًا للأحاديث والأخبار، ومن أبرز مصنفاته؛ تمييز الطَّيِّب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث.[٢٧]
  • عبد الله بن سالم بن محمد البصري.
  • محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني: كان مفسّرًا وفقيهًا ومحدّثًا، وارتحل في طلب العلم إلى مكّة والمدينة، وله مؤلفات من أشهرها؛ سبل السلام شرح بلوغ المرام.[٢٨]


ومن الذين أطلق عليهم بعض العلماء لقب أمير المؤمنين في الحديث:[٣]

  • يحيى بن معين: هو إمامٌ حافظٌ من شيوخ المحدّثين، ولد سنة مئة وثمانٍ وخمسين، وروى عنه كثيرون منهم؛ أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وغيرهم.[٢٩]
  • أحمد بن حنبل: وهو أحد أئمة الفقه والحديث ومن أشهر مصنفاته المسند.[٣٠]
  • مسلم بن الحجّاج: من أبرز علماء الحديث، ارتحل في طلبه، وروى عنه كثيرون منهم الترمذي وابن خزيمة، وأشهر مصنّفاته صحيح مسلم.[٣١]


المراجع

  1. مصطفى حلمي، منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين، صفحة 87. بتصرّف.
  2. محمد حسن عبد الغفار، شرح البيقونية، صفحة 17. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "أمراء المؤمنين في الحديث"، إسلام ويب، 27/09/2017، اطّلع عليه بتاريخ 21/09/2021. بتصرّف.
  4. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 445-446. بتصرّف.
  5. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 33-35. بتصرّف.
  6. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 149-151. بتصرّف.
  7. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 202-203. بتصرّف.
  8. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 229-230. بتصرّف.
  9. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 444-446. بتصرّف.
  10. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 48-49. بتصرّف.
  11. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 378-380. بتصرّف.
  12. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 366.
  13. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 103. بتصرّف.
  14. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 175-177. بتصرّف.
  15. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 454. بتصرّف.
  16. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 142-145. بتصرّف.
  17. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 341-344. بتصرّف.
  18. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 41-43. بتصرّف.
  19. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 358-360. بتصرّف.
  20. عبد المحسن العباد، الإمام البخاري وكتابه الجامع الصحيح، صفحة 31-32. بتصرّف.
  21. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 273-275.
  22. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 247. بتصرّف.
  23. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 249-250. بتصرّف.
  24. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 443-445. بتصرّف.
  25. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 353. بتصرّف.
  26. "خاتمة الحفاظ الحافظ ابن حجر العسقلاني"، إسلام ويب، 27/04/2010، اطّلع عليه بتاريخ 21/09/2021. بتصرّف.
  27. الموسوعة التاريخية، "وفاة العلامة وجيه الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الدَّيبع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/09/2021. بتصرّف.
  28. عبد الله بن عبده نعمان العواضي (24/07/2016)، "ابن الأمير الصنعاني: العالم العامل"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/09/2021. بتصرّف.
  29. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 71-72. بتصرّف.
  30. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 177-181. بتصرّف.
  31. صلاح نجيب الدق (29/06/2021)، "الإمام مسلم بن الحجاج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/09/2021. بتصرّف.