معنى وضع الحديث

يُقصد بوضع الحديث نسبةُ حديثٍ إلى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كذبًا واختلاقًا، ويُعرف في اصطلاح المحدّثين بالحديث الموضوع؛ أي المصطنع والمكذوب على النبيّ، ومن العلماء من اعتبره أقبح أنواع الحديث الضعيف وأسوءها، ومنهم من عدّه قسمًا مستقلًّا، وكان لوضع الحديث طريقتان: فإمّا أن يؤلّف الواضع كلامًا من نفسه ثم يختلق له إسنادًا، وإمّا أن يأخذ حكمةٍ أو قولًا مشهورًا ويضع له إسنادًا، وقد نشأت ظاهرة الوضع في الحديث أوّل ما نشأت بعد الفتنة المتمثّلة بمقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فبدأ بعض الوضّاعين باختلاق أحاديث في فضل بعض الخلفاء الراشدين، إلّا أنّ الوضع لم يكن ظاهرًا ومتفشّيًا بشكلٍ كبيرٍ في القرنين الأول والثاني؛ لوجود الصحابة رضي الله عنهم، الذين كانوا متشدّدين في رواية حديث النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- ومتحرّون للدقة في نقله وروايته.[١][٢]


أسباب وضع الحديث

تعدّدت الأسباب والأغراض التي دفعت الوضّاعين لوضع الحديث والكذب والاختلاق على النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ويمكن إجمال هذه الأسباب في الآتي:[١][٣]

  • الاعتقاد بالتقرّب إلى الله تعالى: وذلك بوضع أحاديث ترغّب في طاعة الله تعالى وتحذّر من معصيته.
  • الطعن في الإسلام: حيث لجأ بعض الزنادقة للكيد بالإسلام من خلال وضع أحاديث تطعن فيه وتشوّه صورته.
  • الانتصار للمذاهب: سواء للمذاهب السياسيّة أو الفقهيّة؛ يقصد الواضع فيها نصرة مذهبه أو الانتقاص من المذاهب الأخرى، مثال ذلك قول أحد الوضّاعين تعصّبًا وانتصارًا لمذهب أبي حنيفة رحمه الله: "يكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي".
  • التقرّب من الحكّام: حيث كان بعض قليلي الإيمان يضعون أحاديث تجاري الحكّام وأفعالهم؛ بقصد التقرّب منهم.
  • طلب الرزق: حيث كان بعض الوضّاعين يضع الأحاديث بقصد التّكسب، وذلك من خلال رواية الأحاديث المكذوبة على الناس حتى يسمعونها ويعطونهم عليها.
  • طلب الشهرة: وذلك بوضع أحاديث غريبةٍ غير موجودةٍ عند شيوخ الحديث، فيستغرب الناس هذه الأحاديث ويقبلون على سماعها من الوضّاعين.
  • الزهد والانقطاع للعبادة: وذلك أنّ بعضًا من الزهاد الذين انصرفوا للعبادة فقط، وانشغلوا عن حفظ الحديث، وكانوا يحسنون الظنّ؛ ممّا جعلهم يعدّون نقد الرواة وتجريهم من قبيل الغيبة المحرّمة، وذلك ساعد على انتشار بعض الأحاديث الموضوعة ورواجها بين الناس.


نتائج وآثار وضع الحديث

كان من أبرز نتائج وآثار ظاهرة الوضع في الحديث وتفشّيها؛ زيادة عناية واهتمام علماء الحديث بدارسة الأحاديث وتمحيصها سندًا ومتنًا، وأسهم ذلك في ظهور علم الحديث وما تفرّع عنه من علوم الإسناد، ودراسة تاريخ الرواة ونقدهم وبيان أحوالهم وهو ما يعرف بعلم الجرح والتعديل، وعلم علل الحديث، وعلم مصطلح الحديث وغيرها، ودفع كذلك إلى تصنيف العلماء لمصنّفاتٍ وكتب في الحديث، منها المتعلقة بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، وأسماء الوضاعين والرواة الضّعيفين، وكلّ ذلك صبّ في خدمة الحديث النبويّ وحفظه للأمّة الإسلاميّة التي تعدّ الحديث النبويّ المصدر الثاني من مصادر تشريع الأحكام فيها.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب محمود الطحان، تيسر مصطلح الحديث، صفحة 111-114. بتصرّف.
  2. عبد الرحمن بن عبد الله السحيم، "الأحاديث الموضوعة وأثرها على المجتمع المسلم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.
  3. مجلة المنار، محمد رشيد رضا، صفحة 545-546. بتصرّف.
  4. سيد عبد الماجد الغوري، الوضع في الحديث تعريغه أسبابه نتائجه طريقة التخلص منه، صفحة 37-38. بتصرّف.