الحديث الصحيح هو الحديث المتصل السند بنقل راوٍ عدلٍ ضابطٍ عن راوٍ عدلٍ ضابطٍ من بداية الإسناد إلى نهايته، مع سلامته من العلَّة والشذوذ،[١] وفيما يلي شرحٌ لهذا التعريف عبر بيان صفات الحديث الصحيح.


صفات الحديث الصحيح

إنّ للحديث الصحيح خمس صفاتٍ هي بمثابة شروطٍ له، إذا توافرت؛ حكم العلماء على الحديث بالصحّة، وبيان هذه الصفات فيما يلي:[١][٢]

  • اتصال السند: ومعناه أن يكون كلّ واحدٍ من رواة الحديث قد تلقّى الحديث وأخذه ممن قبله من الرواة مباشرةً، من أول السند إلى آخره، فلا يكون فيه انقطاعٌ بين رواته، بل تلقٍ مباشرٌ كلّ راوٍ عن السابق.
  • عدالة الرواة: أي أنّ كلّ راوٍ من رواة الحديث الصحيح مستقيمٌ قويم الخُلق، غير متهمٍ بالفسق أو الكذب أو أي أمرٍ مخلٍّ بالمروءة.
  • ضبط الرواة: والضبط هو الحفظ؛ بمعنى أن يكون حفظ رواة الحديث الصحيح تامًّا؛ سواء كان حفظه غيبًا في صدره، أو ممّا هو مكتوبٌ عنده؛ وذلك يقتضي تنبّه الراوي لما ينقله ويرويه وعدم عفلته.
  • السلامة من الشذوذ: والشذوذ هو أن يخالف الراوي الثقة لمن هو أوثق منه من الرواة؛ فالحديث الصحيح لا بّد ألّا يخالف أحدٌ من رواته في الرواية من هو أوثق منه؛ أي من هو أدق وأكثر منه حفظًا.
  • السلامة من العلل: ومعناه سلامة الحديث من أي سببٍ خفيّ تقدح في صحّته.



أقسام الحديث الصحيح

يقسّم العلماء الحديث الصحيح إلى قسمين:[٣]

  • الصحيح لذاته: وهو الحديث الذي اشتمل على جميع شروط الحديث الصحيح، من اتصال السند وعدالة وضبط الرواة، والسلامة من العلة والشذوذ، وحازَ من صفات القبولِ أعلاها.
  • الصحيح لغيره: وهو الذي لم يشتمل على جميع صفات القبول، وإنما صُحّح بأمرٍ خارجيٍّ عنه؛ كأن يشهد له ويعزّزه حديثٌ صحيحٌ آخر من طريقٍ أخرى فيقوّيه، مثل الحديث الحسن الذي شهد له من طريقٍ آخر حديثٌ صحيح؛ فارتقى به إلى درجة الصحّة.



حكم الحديث الصحيحِ

اتفق أهل العلم من الفقهاء والمحدثين على حجيّة الحديثِ الصحيح، ووجوب العمل به سواء كان متواترًا؛ أي رواه جمعٌ كبيرٌ لا يمكن اتفاقهم على الكذب،[٤] أو كان الحديث آحادًا؛ أي رواه واحدٌ أو اثنان عن مثلهم في كلّ طبقةٍ من طبقات الرواة،[٥] فيجب العمل به في أحكام الحلال والحرام سواء كان الحديث الصحيح متواترًا أو آحادًا، واختلفوا في العمل بالحديث الآحاد إن كان في العقائد على قولين:[٦]

  • القول الأول: أن العقائد لا تثبت إلا بدليلٍ يقينيٍّ قطعيٍّ كنصّ القرآن الكريم أو الحديث المتواتر؛ وبالتالي لا يعمل بالحديث الصحيح الآحاد في إثبات العقائد، وهو قول أكثر أهل العلم.
  • القول الثاني: العمل بالحديث الصحيح في العقائد وإن كان آحادًا؛ لأنّه حديثٌ صحيحٌ يُفيد العلم القطعيّ، وهو قول بعض أهل السنة والظاهريّة.



مراتب الحديث الصحيح

يمكن تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب؛ هي:[٧]

  • المرتبة الأولى: وهي أعلى مراتب الصحّة، وتشمل ما اتّفق عليه الشيخان البخاريّ ومسلم، وهو المقصود بقول المحدّثين عن حديثٍ ما: متفقٌ عليه.
  • المرتبة الثانية: ما انفرد بروايته البخاري.
  • المرتبة الثالثة: ما انفرد بروايته مسلم.
  • المرتبة الرابعة: ما كان على شرط البخاري ومسلم لكن لم يخرجاه.
  • المرتبة الخامسة: ما كان على شرط البخاري وحده.
  • المرتبة السادسة: ما كان على شرط مسلم وحده.
  • المرتبة السابعة: الصحيح الذي على شرط غير البخاري ومسلم من أئمّة الحديث.



كتب جمعت الأحاديث الصحيح

صنّف العلماء كتبًا جمعوا فيها الأحاديث الصحيحة، ومن أبرز المصنّفات التي شملت الأحاديث الصحيحة فقط:[٨][٩]

  • كتاب صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله البخاري.
  • كتاب صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجّاج القشيري.



مثال على الحديث الصحيح

من أمثلة الحديث الصحيحِ، الذي توافرت فيه صفات الحديث الصحيح الخمس من اتصال السند، وعدالة وضبط الرواة، والسلامة من العلل والشذوذ، ما رواه البخاريّ في صحيحه، من قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لِلَّهِ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إلَّا واحِدًا، لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، وهو وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ".[١٠][١١]

المراجع

  1. ^ أ ب سامي محمد، كتاب العمل الصالح، صفحة 3-4. بتصرّف.
  2. نور الدين العتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 242-243. بتصرّف.
  3. السعيد الصمدي (15/6/2016)، "مباحث في الحديث الصحيح"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
  4. "الحديث المتواتر"، الإسلام سؤال وجواب، 01/04/2003، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 214. بتصرّف.
  6. [نور الدين عتر]، كتاب منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 244-245. بتصرّف.
  7. [ابن العيني]، كتاب شرح ألفية العراقي لابن العيني، صفحة 70. بتصرّف.
  8. "كتب مصنفة في الأحاديث الصحيحة والحسنة والموضوعة"، إسلام ويب، 17/10/2012، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021.
  9. "ما هي الكتب التي جمعت السنة الصحيحة"، الإسلام سؤال وجواب، 12/01/2012، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021.
  10. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:6410، صحيح.
  11. مجموعة من العلماء ، "شروح الأحاديث"، الدرر السَّنيَّة، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.