إنّ للحديث النبويّ منزلةً عظيمةً في الإسلام؛ فهو المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، وقد أوحى الله -سبحانه وتعالى- بمضمون الأحاديث الشريفة كما أوحى له بالقرآن الكريم؛[١] كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)،[٢] وقوله عليه الصّلاة والسّلام: "ألا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتابَ ومِثْلَهُ معه"،[٣] وآتيًا تفصيلٌ عن الحديث النبويّ؛ تعريفه، وأنواعه، وأبرز مصنّفاته.


تعريف الحديث النبوي

يُعرّف علماء الحديث الحديثَ النبويّ بأنّه ما أضيف إلى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ،[٤] فما بدر من النبيّ من الأقوال أو الأفعال، أو التقريرات؛ أي الإقرار والموافقة على موقفٍ فعله أمامه أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- أو بلغه دون اعتراضٍ أو إنكارٍ، أو ما روي لنا من صفاته الخَلقيّة أو الخُلقيّة، وأمّا علماء أصول الفقه فيخصّون تعريف الحديث النبويّ بأنّه ما أضيف إلى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ،[٥] ويتكوّن الحديث النبويّ من سندٍ ومتنٍ، فالسند؛ هو سلسلة الرواة الذين رووا الحديث، والمتن؛ هو نصّ الحديث والألفاظ التي تضمّنها.[٦]


أنواع الحديث النبوي

يُقسّم العلماء الحديث النبويّ إلى عدّة أقسامٍ وفق اعتباراتٍ مختلفةٍ، وتاليًا بيان هذه الأنواع.


أنواع الحديث النبوي باعتبار قائله

يُقسّم العلماء الحديث باعتبار قائله أو من أُسند إليه أو منتهى السند إلى أقسامٍ أربعةٍ، هي:[٧][٨]

  • الحديث القدسيّ: وهو الحديث الذي نقله النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- مع إسناده إلى الله تعالى؛ بحيث يقول الراوي: قال رسول الله فيما يرويه عن ربّه، ومثاله: "عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْوِيهِ عن رَبِّهِ، قالَ: إذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِرَاعًا، وإذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ منه بَاعًا، وإذَا أتَانِي مَشْيًا أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".[٩]
  • الحديث المرفوع: وهو ما أضيف إلى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ، سواءً أضافه الصحابيّ أو التابعيّ؛ بقولهم قال رسول الله.
  • الحديث الموقوف: ما أسنده التابعي إلى الصحابي من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ.
  • الحديث المقطوع: ما أضيف إلى التابعي قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ.


أنواع الحديث النبوي باعتبار القبول والرد

يُقسّم علماء الحديث الأحاديث من حيث القبول والردّ إلى ثلاثة أقسامٍ، هي:[٦]

  • الحديث الصحيح: وهو الحديث الذي اتّصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذٍ أو علّةٍ، والمقصود باتّصال السند؛ أنّ كلّ راوٍ في الحديث قد أخذه عمّن فوقه مباشرة، وأمّا الراوي العدل؛ فيقصد به أن يكون الراوي مستقيمًا غير متّهمٍ بكذبٍ أو فسق، وأمّا صفة الضبط؛ فتعني أن يكون حفظ الراوي تامًّا من غير نقصٍ ولا تحريفٍ، ومن غير شذوذٍ؛ أي من غير مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه، ومن غير علّة؛ أي الخلو من وصفٍ خفيّ يقدح في صحّة الحجيث.
  • الحديث الحسن: وهو كالحديث الصحيح؛ ما يرويه العدل بسندٍ متّصلٍ من غير شذوذ ولا علّةٍ إلا أنّ ضبط الراوي قد خفّ.
  • الحديث الضعيف: وهو الحديث الذي فقد شرطًا أو أكثر من شروط الحديث الحسن.


أنواع الحديث النبوي باعتبار الثبوت

ينقسم الحديث النبويّ باعتبار عدد الرواة أو باعتبار الثبوت إلى ثلاثة أقسامٍ، هي:[٦]

  • الحديث المتواتر: وهو ما رواه جمعٌ كثيرٌ عن مثلهم بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو على نوعين؛ المتواتر اللفظي وهو الذي تواتر نقله بلفظه ومعناه، والمتواتر المعنوي وهو الذي تواتر نقله بمعناه.
  • الحديث المشهور: وهو الحديث الذي يرويه ثلاثة فأكثر في كلّ طبقةٍ ولم يبلغوا حدّ التواتر.
  • حديث الآحاد: ما رواه راوٍ واحدٌ أو اثنين، ولم يبلغ حدّ المشهور.


كتب ومصنّفات في الحديث النبوي

صنّف العلماء كتبًا عديدةً في الحديث النبويّ، وكانت طرقهم في التصنيف والجمع متنوّعة، ومن أبرز طرق التصنيف وأمثلتها ما يلي:[١٠]

  • الجوامع: وهي المصنّفات التي يجمع فيها مصنّفها الأحاديث ويرتّبها حسب الموضوعات والأبواب الشرع من عقائد، وعبادات، ومعاملات ونحوها، ومثاله؛ الجامع الصحيح للإمام البخاري.
  • المسانيد: وهي المصنّفات التي يجمع فيها صاحبها الأحاديث بحسب راويها من الصحابة؛ فيدرج مرويات كلّ صحابيّ على حدى، ومثالها مسند الإمام أحمد.
  • السنن: وهي التي يجمع فيها مصنّفها الأحاديث ويرتّبها بناءً على أبواب الفقه؛ فهي مشتملةٌ على أحاديث الأحكام المتعلّقة بأبواب الفقه، ومثالها سنن أبي داود.
  • المعاجم: وهي المصنّفات التي يجمع فيها مصنّفها الأحاديث بحسب أسماء شيوخه الذين يروي عنهم، ويرتّبهم وفق الترتيب الهجائي، ومثاله معاجم الطبراني: المعجم الكبير، والأوسط، والصغير.


المراجع

  1. ياسر الدرويش (25/01/2009)، "أهمية الحديث النبوي في الدراسات اللغوية والنحوية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.
  2. سورة النجم، آية:3-4
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم:2643، صحيح.
  4. ابن عثيمين، مصطلح الحديث، صفحة 5.
  5. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 56. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت مصطفى مسلم، فتحي محمد الزغبي (14/07/2014)، "أنواع الحديث الشريف من حيث الثبوت والقبول والرد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.
  7. "أقسام الحديث من حيث قائله"، الإسلام سؤال وجواب، 22/08/2008، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.
  8. "أنواع الحديث باعتبار منتهى السند 1-2"، إسلام ويب، 09/06/2014، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:7536، صحيح.
  10. محمود داود دسوقي خطابي (15/10/2017)، "أنواع كتب الحديث"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/09/2021. بتصرّف.