الحديث المتواتر هو: الحديث الذي رواه جمعٌ كبيرٌ يستحيل اتّفاقهم على الكذب من أول سند الحديث (سلسلة الرواة) إلى آخره، ولم يُحدّد عدد الجمع الكثير؛ إنّما الغاية ألّا يتّفقوا على الكذب، وألّا يقع منهم سهواً أو نسياناً أو خطأً، وقد حدّده بعض العلماء بسبعين راوٍ، وقيل: أربعين، وقيل: اثني عشر، وقيل: أربعة، وكلّها أقوالٌ إنمّا العبرة تتحقّق باليقين بصدق الخبر واستحالة الكذب مهما اختلف عدد الجمع الكثير، ولا بدّ أن يرويه جمعٌ كثيرٌ عن جمعٍ كثيرٍ وهكذا من أول السند إلى آخره.[١]


شروط الحديث المتواتر

لا يتحقّق التواتر في الحديث إلّا يتحقّق شروطه الآتي بيانها:[٢]


الجمع الكثير

أي أن يروي الحديث جمعٌ كثيرٌ وقد اختلفت الأقوال في تحديد الجمع الكثير، إلّا أنّ الصحيح أنّه غير محدّدٍ بعددٍ -كما سبق بيانه-.[٢]


استحالة الكذب

أي ألّا يتّفق الجمع الكثير على الكذب على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث المروي.[٢]


الجمع الكثير في كلّ طبقة من السند

أي أن يريه جمعٌ كثيرٌ عن جمعٍ كثيرٍ من أوّل السند إلى آخره، فعلى سبيل المثال: الحديث الذي يرويه واحدٌ عن جمعٍ كثيرٍ ليس متواتراً، وكذلك الحديث الذي يرويه جمعٌ كثيرٌ عن واحدٍ.[٢]


الاعتماد على الحسّ

أي أن يعتمد الجمع الكثير على حواسهم في نقل الحديث النبوي، كالمشاهدة، أو السماع، أو اللمس، كأن يقولوا: سمعنا، رأينا، ونحو ذلك، وبناءً على ما سبق فإنّ الأخبار التي تعتمد على الظنّ أو التخمين أو الاحتمال لا تعدّ من الأحاديث المتواترة، وكذلك الأحاديث التي تعتمد على العقل؛ كنصف الاثنين واحدٌ، فالعبرة في ذلك للقل لا للخبر.[٢]


حكم الحديث المتواتر

يُصدّق الحديث المتواتر تصديقاً جازماً دون أي شكٍ أو تردّدٍ، إذ إنّه يدلّ يقيناً على ما ورد فيه، كمَن يرى الأمر بنفسه، ولذلك فإنّ الأحاديث المتواترة كلّها مقبولةٌ، حتى أنّه لا حاجة للبحث عن حال الرواة ومعرفة صادقهم من كاذبهم.[٣]


أقسام الحديث المتواتر

المتواتر اللفظي

الحديث المتواتر لفظاً هو: الحديث الذي تواترت الروايات عليه باللفظ نفيه، فلم يتغيّر اللفظ بين الروايات رغم تعدّدها، من رواية إلى أخرى، ما تواترت روايته على لفظ واحد يرويه كل الرواة، ومثاله حديث: (لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ).[٤][٥]


المتواتر المعنوي

أن ينقل جمعٌ كثيرٌ لا يمكن اتّفاقهم على الكذب أو وقوعه منهم صدفةً بمعناه مع اختلاف اللفظ، فينقلوا أحاديث مختلفةً تدلّ كلّها على أمرٍ واحدٍ، فيكون ذلك الأمر متواتراً، ومثال المتواتر المعنوي: أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد وردت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحاديث بألفاظٍ مختلفةٍ تدلّ بمجموعها على رفع اليدين في الدعاء، ولا تختلف شروط المتواتر المعنوي عن شروط المتواتر اللفظي، إلّا أنّ المتواتر المعنوي يتّفق بالمعنى لا باللفظ.[٥]

المراجع

  1. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 404. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج إسلام ويب (26/7/2003)، "الحديث المتواتر .. شروطه وأنواعه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2021. بتصرّف.
  3. محمود الطحان، كتاب تيسير مصطلح الحديث، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:106، صحيح.
  5. ^ أ ب نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 405-406. بتصرّف.