نص حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

أخرج الإمام المسلم في صحيحه عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).[١]


شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

الإسلام دين الرّحمة والإحسان، وهذه الرحمة ليست مقتصرةً على الإنسان فقط، بل إنّ النّاظر في النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يجد أنّها تدعو إلى الرحمة في الحيوانات والنباتات وكلّ شيء، وقد أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك في هذا الحديث فقال: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ)، وهو قولٌ يُفيد العموم، فالرحمة والإحسان ليست خاصاً بشيءٍ دون غيره، ومعنى كتب في الحديث: أي أوجب وأمر وشرع.[٢]


وبعد أن بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أهمية الرحمة في كلّ شيءٍ ضرب على ذلك الأمثلة، فأمر بإحسان القِتلة للإنسان الذي استحقّ القتل؛ مثل حالات القصاص، وإحسان الذِّبحة للحيوان الذي يجوز قتله أو ذبحه، بحيث يكون ذلك بطريقةٍ سهلةٍ من غير تعذيب وبأسهل وجوه القتل،[٣] ويدخل في ذلك أيضاً ما يُقتل من الحيوانات المؤذية والضارّة، فلا يُشرع تعذيبها عند قتلها، مثل الفأر، والكلب العقور -أي الذي يعتدي على النّاس-، والعقرب.[٤]


ثمّ بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث العديد من مظاهر الإحسان للحيوان قبل وأثناء ذبحه، ومنها:[٤]

  • حدّ الشّفرة؛ أي السكّين أو السّيف الذي سيُذبح به الحيوان؛ حتى تكون قويّة القطع، فيكون ذلك أسرع لموت الحيوان فلا يتعذّب.
  • إراحة الذبيحة، ومن ذلك أن يمسك مَن يريد الذّبح بالحيوان، ويُثبّته بحيث حتى لا يضطرب أثناء ذبحه، وحتى يتمكّن من إمرار السكين بسرعةٍ وقوةٍ على عنقه.
  • ألّا يكون تحديد السكّين أمام عين الذّبيحة، فإنّ ذلك يؤذيها، وألّا تُذبح أمام غيرها من الدوابّ.


ما يستفاد من حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

يُستفاد من هذا الحديث النبوي الشريف العديد من الدروس والعِبر، ومن أبرزها ما يأتي:[٥]

  • الدعوة إلى الإحسان إلى الحيوان والشفقة عليه والرحمة به.
  • بيان سماحة الشريعة الإسلامية وعظمة الأخلاق والقيم فيها، ومن ذلك الإحسان، والرحمة، والتيسير.
  • تحريم التمثيل بالإنسان بعد قتله، والنهي عن كلّ ما فيه تعذيبٌ للحيوان.
  • استعمال الأساليب والطّرق التي تلفت نظر السامع وتجذب انتباهه عند نصحه أو وعظه، ومنها ضرب المثال لتوضيح الفكرة، فقد استخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث قاعدةً عامة، وهي الإحسان في كل شيء، ثمّ ضرب عليها مثالين، وهما الإحسان في القتلة، والإحسان في الذِّبحة، ثمّ ذكر شيئاً من مظاهر هذه الرحمة.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:1955، صحيح.
  2. عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 3، جزء 20. بتصرّف.
  3. عبد المحسن العباد، فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله، صفحة 65. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2023. بتصرّف.
  5. "شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) من الأربعين النووية"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2023. بتصرّف.