الأنصار لقبٌ اشتُهر به أهل المدينة من الأوس والخزرج؛ وذلك لدورهم العظيم في نُصرة الإسلام والمسلمين وعزّتهم، بعد أن قدم جماعةٌ منهم وبايعوا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في مكة في بيعة العقبة على الإسلام، وعادوا إلى قومهم ونشروا الإسلام بينهم، واستقبلوا الصحابة المهاجرين من مكّة المكرّمة وتآخوا معهم، واستقبلوا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعدهم، وتمكّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بفضل الله -تعالى- ثمّ فضل الأنصار من تأسيس دولتهم في المدينة المنورة،[١] وفيما يأتي ذكرٌ لجملةٍ من الأحاديث الواردة في محبّتهم وفضلهم.
أحاديث دالة على محبّة النبي للأنصار
حديث تمنّي النبيّ لو كان أنصاريًّا
نص الحديث
ورد في حديثٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تمنّيه لو كان أنصاريًّا؛ إكرامًا للأنصار، وتطييبًا لخاطرهم، وتأكيدًا على فضلهم في الإسلام، وتدليلًا على محبّته لهم، وذلك فيما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ، ولو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا أوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ وشِعْبَهَا).[٢]
شرح الحديث
جاء هذا الحديث على إثر غزوة حنين، حين وزّع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- غنائم الغزوة؛ فأعطى أفرادًا كانوا حديثي عهدٍ بالإسلام، وخصّهم ليتألّف قلوبهم، ولم يعطِ الأنصار مثل ما أعطاهم؛ فظنّوا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يفضّل غيرهم عليهم، ولما علم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بذلك؛ أراد أن يؤكّد على فضل الأنصار وكرامتهم، وأنّهم بلغوا في الإسلام مبلغًا عظيمًا بنصرتهم له وللمهاجرين؛ فأخبرهم أنّه يحبّ لولا الهجرة وفضلها أن يكون من الأنصار، وأنّ الناس لو سلكت شعبًا -وهو الطريق بين جبلين- وسلك الأنصار آخر؛ لاختار أن يكون مع الأنصار ويسلك طريقهم.[٣]
أحاديث داعيةٌ إلى حبّ الأنصار
وردت أحاديث عدَّةٌ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تدلّ على مكانة الأنصار وتحثّ على محبّتهم، ومنها ما يأتي:
- محبَّةٌ الأنصار من علامات الإيمان: وذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ).[٤]
- محبّة الله تعالى لمن أحبّ الأنصار: فقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: (إنَّ النَّاسَ يُهَاجِرونَ إليكُم ولا تُهَاجِرونَ إليهِم، والَّذي نفسي بِيَدِه، لا يُحِبُّ الأنصارَ رَجلٌ حتَّى يَلقَى اللهَ؛ إلَّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُحِبُّه ولا يُبغِضُ الأنصارَ رَجلٌ حتَّى يَلقَى اللهَ، إلَّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُبغِضُهُ).[٥]
- الأنصار من أحبّ الناس إلى النبي: كما جاء في رواية البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّكُمْ أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ مَرَّتَيْنِ).[٦]
أحاديث في دعاء النبي للأنصار
وردت أحاديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يدعو فيها للأنصار، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- الدعاء بالمغفرة للأنصار وذريتهم: أورد مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- دعا للأنصار وذريّتهم فقال: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصارِ، ولأَبْناءِ الأنْصارِ، وأَبْناءِ أبْناءِ الأنْصارِ).[٧]
- الدعاء للأنصار مع المهاجرين: دعا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للأنصار والمهاجرين أثناء حفر الخندق، وهو يرى ما لاقوه من تعبٍ ومشقَّةٍ في العمل، وشاركهم ذلك، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ)،[٨] وفي رواية لمسلم: (فأكْرِمِ الأنْصارَ والْمُهاجِرَهْ).[٩][١٠]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:7245، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً أنصاريًّا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3784، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن الحارث بن زياد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1979، حديث حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3786، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم:2506، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:4098، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1805، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث: لا عيش إلا عيش الآخرة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2022.