أحاديث عن عفو الله عن عباده التائبين
رحمة الله -سبحانه- واسعة، يشمل بها من كرمه جميع التّائبين، فقد سمّى نفسه الغفور والتواب، والرحمن والرحيم، وقال -سبحانه- في كتابه الكريم: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،[١] ومن الأحاديث التي تدلّ على عفو الله -تعالى- عن عباده المذنبين التائبين ما يأتي:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه: (... يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ...).[٢]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ عبدًا أصابَ ذنْبًا فقال: يا ربِّ، أذنبْتُ ذنبًا فاغفِرْ لي، فقالَ له رَبُّه: عَلِمَ عبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأخُذُ به، فغَفَرَ له، ثمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللهُ، ثمَّ أذنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فقال: يا رَبِّ أذنبْتُ ذنْبًا فاغْفِرْ لي، فقالَ رَبُّه عزَّ وجلَّ: عَلِمَ عبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنبَ ويَأخُذُ به، قَد غفَرْتُ لعَبْدي، فلْيَعمَلْ ما شاءَ، ثمَّ عادَ فأذْنَبَ ذَنْبًا، فقال: رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبي، فقالَ اللهُ تبارَكَ وتَعالَى: أذْنَبَ عبْدي ذنْبًا، فعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأخُذُ بالذَّنْبِ، اعمَلْ ما شِئتَ، قدْ غَفَرْتُ لكَ).[٣]
أحاديث تدعو النّاس إلى العفو
دعت السنة النبوية الشريفة إلى التحليّ بالأخلاق الحسنة، وهناك العديد من الأحاديث التي تدعو إلى العفو والصفح عن النّاس، ومَن كانت صفته ذلك فهو يمتثل أمر الله -تعالى- الذي قال في كتابه: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٤] ومن الأحاديث التي تدعو إلى العفو بين الناس ما يأتي:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).[٥]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثٌ والذي نفسي بيدِه إنْ كُنتُ لحالفًا عليهنَّ: لا ينقصُ مالٌ من صدقةٍ فتصدقوا، ولا يعفو عبدٌ عن مظلمةٍ إلا زاده اللهُ بها عزًّا يومَ القيامةِ ...).[٦]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ تاجِرٌ يُدايِنُ النَّاسَ، فإذا رَأَى مُعْسِرًا قالَ لِفِتْيانِهِ: تَجاوَزُوا عنْه، لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَتَجاوَزَ عَنَّا، فَتَجاوَزَ اللَّهُ عنْه).[٧]
- سأل رجلٌ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً).[٨]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (تُعْرَضُ الأعمالُ في كلِّ يومِ خميسٍ واثنينِ فيغفرُ اللهُ عز وجل في ذلك اليومِ لكلِّ امرِئٍ لا يُشركُ باللهِ شيئًا إلا امْرأً كانت بينَه وبين أخيِه شَحناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هذين حتى يَصْطَلِحا ارْكُوا هذين حتى يَصْطَلِحا).[٩]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ، يَلْتَقِيانِ؛ فَيَصُدُّ هذا، ويَصُدُّ هذا، وخَيْرُهُما الذي يَبْدَأُ بالسَّلامِ).[١٠]
أحاديث عن خلق العفو عند الرسول
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكمل النّاس خُلقاً، وتجلّى عفوه عن النّاس في الكثير من المواقف، ومن الأحاديث النبوية التي تدلّ على ذلك ما يأتي:
- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله عز وجل).[١١]
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).[١٢]
- (عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: أنَّ هذِه الآيَةَ الَّتي في القُرْآنِ: {يَا أيُّها النبيُّ إنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا}، قالَ في التَّوْرَاةِ: يا أيُّها النبيُّ إنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّلَ، ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ بالأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بالسَّيِّئَةِ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَصْفَحُ).[١٣]
- (ما رأيتُ النَّبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- رُفِعَ إليه شيءٌ فيه قِصاصٌ إلَّا أمَرَ فيه بالعَفوِ).[١٤]
- عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: (... كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وأَهْلِ الكِتَابِ كما أمَرَهُمُ اللهُ، ويَصْبِرُونَ علَى الأذَى، قالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ. وقالَ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَأَوَّلُ في العَفْوِ عنْهمْ ما أمَرَهُ اللهُ به...).[١٥]
أحاديث عن طلب العفو من الله
هناك العديد من الأدعية المأثورة عن طلب العفو من الله -سبحانه-، ونذكر منها ما يأتي:
المراجع
- ↑ سورة الشورى، آية:25
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2577، صحيح.
- ↑ رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7817، صحيح على شرط الشيخين.
- ↑ سورة النور، آية:22
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:1674، قال الألباني صحيح لغيره.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2078، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5164، صححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم بن الحجاج ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2565، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:6237، صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2328، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3477، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عطاء بن يسار، الصفحة أو الرقم:4838، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4497، صححه الألباني.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم:6207، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤنين، الصفحة أو الرقم:3513، إسناده صحيح.
- ↑ رواه ابن ماجه، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3135، صحيح.