أحاديث عن الخوف من الله

الخوف من الله -تعالى- مقام من أرفع مقامات أولياء الله؛ يقودهم الخوف للطاعة ويمنعهم عن المعصية، والخوف من الله -سبحانه- دليل على استشعار عظمته وقدرته وإحاطته، وقد امتدح النبي -صلى الله عليه وسلم- أحوالهم، وبين الجزاء الذي ينتظرهم، ورغّب باتباع سبلهم، ومن الأحاديث الدالة على ذلك ما يأتي:


  • صح عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سألتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- عن هذِهِ الآيةِ: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ"، قالت عائشةُ: أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ، ويسرِقونَ؟ قالَ: لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ، وَهُم يخافونَ أن لا تُقبَلَ منهُم، أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ).[١]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ علَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قالَ لِبَنِيهِ: إذا أنا مُتُّ فأحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي في الرِّيحِ، فَواللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذابًا ما عَذَّبَهُ أحَدًا، فَلَمَّا ماتَ فُعِلَ به ذلكَ، فأمَرَ اللَّهُ الأرْضَ فقالَ: اجْمَعِي ما فِيكِ منه، فَفَعَلَتْ، فإذا هو قائِمٌ، فقالَ: ما حَمَلَكَ علَى ما صَنَعْتَ؟ قالَ: يا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ له وقالَ غَيْرُهُ: مَخافَتُكَ يا رَبِّ).[٢]


  • قال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -جلّ وعلا- في الحديث القدسيّ: (وعزَّتي لا أجمَعُ على عبدي خوفَيْنِ وأمنَيْنِ؛ إذا خافني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ القيامةِ).[٣]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن خافَ أدلَجَ، ومَن أدلَجَ بَلَغ المَنزِلَ، ألَا إنَّ سِلعةَ اللهِ غالِيةٌ، ألَا إنَّ سِلعةَ اللهِ الجَنَّةُ، جاءتِ الرَّاجِفةُ تَتْبَعُها الرَّادِفةُ، جاءَ المَوتُ بما فيه).[٤]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ -تَعَالَى- في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ:... ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).[٥]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (يعجَبُ ربُّكَ من راعي غنمٍ، في رأسِ شظيَّةِ الجبلِ يؤذِّنُ بالصَّلاةِ ويصلِّي؛ فيقولُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-: انظروا إلى عبدي هذا يؤذِّنُ ويقيمُ الصَّلاةَ، يخافُ منِّي، قد غَفرتُ لعَبدي، وأدخلتُهُ الجنَّةَ).[٦]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (عَينانِ لا تمسُّهما النَّارُ: عينٌ بَكَت من خشيةِ اللَّهِ...).[٧]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يلِجُ النارَ رجلٌ بكى من خشيةِ اللهِ حتى يعودَ اللبَنُ في الضَّرعِ...).[٨]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأنَّهُ قاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه، وإنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مَرَّ علَى أنْفِهِ فقالَ به هَكَذا...).[٩]


أحاديث تبعث على الخوف من الله

جاء عن بعض الصالحين أنّ الباعث وراء الخوف من الله -تعالى- ينشأ من معرفة العبد للذنوب التي اقترفها، وعلمه بالعقوبة التي ترتبت عليها، وخوفه من مباغتة الأجل دون التوبة؛ مع التدبر والتأمل في النصوص الدالة على قدرته -سبحانه- على العذاب، وإنفاذ الوعيد؛ لذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عدّة أحاديث نبويّة تبعث على استشعار الخوف من الله، تذكرةً لمن تذكّر، وتخويفاً لمن عصى وتجبّر؛ ومن هذه الأحاديث:


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَةِ، ما طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، ولو يَعْلَمُ الكَافِرُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ما قَنَطَ مِن جَنَّتِهِ أَحَدٌ).[١٠]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنِّي أرَى ما لا ترَونَ وأسمعُ ما لا تسمَعون، أَطَتْ السماءُ وحق لها أن تَئِطَّ؛ ما فيها موضِعُ أربعِ أصابِعَ إلا ومَلَكٌ واضِعٌ جبهَتَهُ لله ساجدًا، واللهِ لو تَعلمونَ ما أعْلَمُ لضَحِكْتُمْ قليلًا ولبَكَيتُمْ كثيرًا، وما تَلَذَّذْتُمْ بالنساءِ على الفُرُشِ، ولخَرَجْتُمْ إلى الصَّعُدَاتِ تجْأَرونَ إلى اللهِ، لوَدِدْتُ أنِّي كنتُ شجرةً تُعْضَدُ).[١١]


  • لمّا نزل قوله -تعالى-: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ)،[١٢] قال -صلى الله عليه وسلم-: (كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسَّمَّعُ مَتَى يُؤْمَرُ، فَيَنْفُخُ؟ فَقَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: كَيْفَ نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: حَسْبُنَا اللهُ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا).[١٣]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللَّهِ، لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، ولَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بهَا عِبَادَهُ).[١٤]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ...).[١٥]


  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (... ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ حِجَابٌ ولَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ له، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ له: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إلَيْكَ رَسولًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عن يَمِينِهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عن شِمَالِهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).[١٦]


أحاديث عن دعاء الخوف من الله

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أخشى الناس لله -تعالى-، يدعو مولاه -جلّ في علاه- بأن يجعله خاشياً له؛ ومن ذلك ما يأتي:

  • صحّ عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يقولُ في دعائِهِ:... ربِّ اجعَلني لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مُطيعًا، إليكَ مُخبتًا...).[١٧]


  • جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (قلَّما كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يقومُ من مَجلسٍ حتَّى يدعوَ بِهَؤلاءِ الكلِماتِ لأصحابِهِ: اللَّهمَّ اقسِم لَنا من خشيتِكَ ما يَحولُ بينَنا وبينَ معاصيكَ، ومن طاعتِكَ ما تبلِّغُنا بِهِ جنَّتَكَ...).[١٨]

المراجع

  1. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3175، صححه الألباني.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3481، صحيح.
  3. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:640، أخرجه في صحيحه وقال الألباني حسن صحيح.
  4. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:8064 ، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1423، صحيح.
  6. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:665، صححه الألباني.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1639، صحيح.
  8. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1633، حسن صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6308، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2755، صحيح.
  11. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2312، حسن غريب.
  12. سورة المدثر، آية:8
  13. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3008، حسن لغيره.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:1048، صحيح.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2807، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم:1413، صحيح.
  17. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3830، صححه الألباني.
  18. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3502، حسنه الألباني.