حديث شريف عن حب الوطن

حبّ الوطن فطرةٌ داخل كلّ إنسان، وقد عبّر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حبّه لوطنه في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها الأحاديث التي يُخبر فيها عن شدّة حبّه لمكّة المكرمة في بداية بعثته وعند هجرته، ولا يوجد أحاديث عامة عن حبّ الإنسان لوطنه، ولكن ذلك يُستنبط من الأحاديث النبوية التي تُبيّن مقدار حبّ النبي الكريم لوطنه، وهي:


  • حديث: (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ)

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ)،[١] وفي هذا الحديث النبوي الشريف يُخاطب النبي الكريم مكّة المكرّمة عندما خرج منها مهاجراً أنْ ما أطيبك وأجملك وأحبَّكِ إلى قلبي، ولولا أنّ قريش أخرجوه منها بزيادة أذاهم له ولأصحابه ما خرج منها، ولكنّ الله -سبحانه- أذِن له بالهجرة لمّا اشتدّ عليهم أذى المشركين.[٢]


  • حديث: (أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ)

عندما نزل الوحي على النبي -عليه الصلاة والسلام- ذهب مع زوجته خديجة -رضي الله عنها- إلى ورقة بن نوفل، وذكر له ما حدث معه في غار حراء، فأخذ ورقة يُفسّر له ذلك حتى قال له: "... لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ"، فقال النبي الكريم: (أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ)،[٣] قالَ: "نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ"، وفي قول النبي الكريم: "أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ" استفهامٌ إنكاريٌّ يدلّ على التألّم من ذلك، فقد استبْعد النبي الكريم أن يخرجوه من وطنه وداره التي يُحبّها.[٤]


ولمّا هاجر النبي الكريم إلى المدينة وعلم شدّة حبّ أصحابه إلى وطنهم مكة ظلّ يدعو الله -تعالى- أن يُحبّب لهم المدينة كثيراً، فهو يشعر بما يشعرون به به من الحنين لوطنهم، ومن الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك ما يأتي:


  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كما حَبَّبْتَ إلَيْنا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وانْقُلْ حُمَّاها إلى الجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في مُدِّنا وصاعِنا).[٥]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في ثَمَرِنَا، وَبَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا، وَبَارِكْ لَنَا في مُدِّنَا، اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ، وإنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وإنَّه دَعَاكَ لِمَكَّةَ، وإنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بمِثْلِ ما دَعَاكَ لِمَكَّةَ، وَمِثْلِهِ معهُ).[٦]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ بالمَدِينَةِ ضِعْفَيْ ما جَعَلْتَ بمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ).[٧]


حديث شريف عن تربة الوطن

ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في حديث وضع الإصبع في التراب للرقية: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى الإنْسَانُ الشَّيْءَ منه، أَوْ كَانَتْ به قَرْحَةٌ، أَوْ جُرْحٌ، قالَ: النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بإصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بالأرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا باسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى به سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا).[٨]


حديث شريف عن الغربة والابتعاد عن الوطن

الوطن بالنسبة للإنسان هو المكان الذي وُلِد ونشأ فيه، فإن غادره بقي في قلبه حنينٌ له وشوقٌ إليه، فله ذكرياتٌ لا يمحوها الزمان، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ونَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِهِ).[٩]

المراجع

  1. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3926، صححه الألباني.
  2. الملا على القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 1867، جزء 5. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، صحيح.
  4. "حب الوطن من دروس الهجرة النبوية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2023. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6372، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1373، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1885، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2194، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1804، صحيح.