لا يجوز من المسلم تمنّي المرض أو البلاء، فالصحة من أجلّ وأعظم النَّعم التي مَنّ الله -تعالى- بها على عباده، وقد لا يستطيع الصبر على المرض وتحمّله، ولذلك الجدير بالمسلم الدعاء بالعفو والعافية والصحة دائماً.[١]
حديث الرسول عن الوباء
وردت عدّة أحاديث نبويةٍ عن الوباء وكيفية التعامل معها فيما يأتي ذكر بعض تلك الأحاديث:
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: (أنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كانَ بسَرْغَ بَلَغَهُ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بالشَّأْمِ - فأخْبَرَهُ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا، فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه).[٢]
- أخرج الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكرٍ -رضي الله عنها-: (سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فأخْبَرَنِي أنَّه عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ علَى مَن يَشَاءُ، وأنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، ليسَ مِن أحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ في بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أنَّه لا يُصِيبُهُ إلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ له، إلَّا كانَ له مِثْلُ أجْرِ شَهِيدٍ).[٣]
- (فَناءُ أُمَّتي بِالطَّعْنِ والطَّاعُونِ فقيلَ: يا رسولَ اللهِ هذا الطَّعْنُ قد عَرَفْناهُ، فما الطَّاعُونُ؟ قال: وخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الجِنِّ، وفي كُلٍّ شَهادَةٌ).[٤]
أحاديث الصبر على الوباء
ابتلى الله -تعالى- عباده بعدّة أمورٍ منها: المرض، وقد يخفى على الكثير الفضائل المترتبة عليه لمَن صبر ورضيَ بقضاء الله وقدره، يُذكر من تلك الفضائل:[١]
- تكفير الذنوب والسيئات: ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (دَخَلْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يُوعَكُ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ لَتُوعَكُ وعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنكُم قُلتُ: ذلكَ أنَّ لكَ أجْرَيْنِ؟ قَالَ: أجَلْ، ذلكَ كَذلكَ، ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فَما فَوْقَهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا سَيِّئَاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَهَا).[٥]
- رفع الدرجات والمنازل: أخرج الإمام مسلم عن الأسود بن يزيد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً، فَما فَوْقَهَا إلَّا كُتِبَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ)،[٦] قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: (في هذه الأحاديث بشارةٌ عظيمةٌ للمسلمين، فإنّه قلّما ينفكّ الواحد منهم ساعةً من شيءٍ من هذه الأمور، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام، ومصائب الدنيا وهمومها، وإن قلت مشقتها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور، وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء).
- دخول الجنّة: فالصبر على الأمراض سببٌ من أسباب دخول الجنة، فقد ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ).[٧]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ^ أ ب "المرض في السنة النبوية"، إسلام ويب، 2/8/2015، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:5730، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3474، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:1403، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5648، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن الأسود بن يزيد، الصفحة أو الرقم:2572، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5653، صحيح.