تعريف الحديث المنقطع

الانقطاع في الحديث يتعلّق بسند الحديث لا متنه، ومع ذلك قد يوصف به المتن باعتبار انقطاع سنده، والحديث المنقطع هو الحديث الذي سقط من سلسلة سنده راوٍ واحد، سواء كان ذلك في موضعٍ واحد، أو في موضعين متفرّقين، لأنّ سقوط الرواة في موضعين متتابعين يجعل الحديث حديثاً معضلاً.[١]


شروط الحديث المنقطع

أوضحنا تعريف الحديث المنقطع فيما سبق بأنّه ما سقط منه راوٍ واحدٍ وإن كان ذلك في أكثر من طبقة، ويُستنتج من ذلك عدّة شروط للحديث المنقطع، وهي:[٢]

  • سقوط راوٍ واحد من الرواة لا أكثر، أما سقوط أكثر من راوٍ بشكلٍ متتالٍ لا يعدّ انقطاعاً، بل يتعلّق بمصطلحٍ آخر.
  • أن لا يكون سقوط الراوي من أول السّند، وهو الصحابي، وإلا أصبح الحديث مرسلاً، وله أحكامٌ أخرى.
  • أن لا يكون سقوط هذا الراوي من آخر السند، وإلا أصبح الحديث معلَّقاً.


هل هناك فرق بين المنقطع والمقطوع؟

يرى جمهور أهل العلم أَنّ وصف الحديث المنقطع يختلف عن وصف الحديث المقطوع؛ فالمنقطع يعني وجود علَّةٍ متعلِّقةٍ بسند الحديث، وهي سقوط أحد الرواة منه، أما المقطوع فهو ما كان من قول وفعل التابعي، أما الطبراني والشافعي فيرون أن المنقطع والمقطوع بمعنىً واحد، وليس بينهما أيّ فرق، ويدلّان على العلّة في السّند، أما ما جاء عن طريق التّابعي فيسمّونه الموقوف المقيّد.[٣]


أمثلة على الحديث المنقطع

سيتمّ فيما يأتي ذكر بعض الأمثلة على الأحاديث المقطوعة مع توضيح موطن الانقطاع:


المثال الأول

روى عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن حذيفة مرفوعاً: (إن وَلَّيتُموها أبا بَكرٍ فقويُّ أمينٌ لا تأخذُه في اللَّهِ لومةُ لائمٍ، وإن ولَّيتُموها عليًّا فَهادٍ مَهديُّ يقيمُكم على طريقٍ مُستقيمٍ)،[٤] وهذا الحديث فيه انقطاع في موضعين، والنّاظر إليه للوهلة الأولى قد لا ينتبه إلى ذلك، لأنّ كل راوٍ من هؤلاء الرواة أدرك مَن فوقه في حياته، ولكن موضعيّ الانقطاع هما:[٥]

  • الموضع الأول: عبد الرزاق في الحقيقة لم يسمع هذا الحديث من الثوري، بل رواه عن النعمان بن أبي شيبة، فبين عبد الرزاق والثوري راوٍ محذوف وهو النعمان بن أبي شيبة.
  • الموضع الثاني: الثوري في الحقيقة لم يسمع هذا الحديث من أبي إسحاق، بل بينهما راوٍ محذوف وهو شريك.


المثال الثاني

أخرج أبو داود في سننه فقال: حدّثنا أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب، حدّثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّلاةُ المكتوبةُ واجبةٌ عليكم خَلفَ كُلِّ مُسلِمٍ برًّا كان أو فاجِرًا، وإن عَمِل الكبائِرَ)،[٦] وقد حصل الانقطاع هنا بين مكحول وأبي هريرة؛ ذلك أنّ مكحول لم يسمع في حياته إلا عن ثلاثٍ من الصحابة، وليس منهم أبو هريرة -رضي الله عنه-.[٧]


حكم الحديث المنقطع

يُحكم على الحديث المنقطع بالضعف حتى تتبيّن صحّته، مع أنّ الراوي الذي سقط من السند قد يكون ثقةً، وقد يكون ثبتاً ومن الحفّاظ، لكن الأصل في الرواية الحيطة، فلمّا اجتمعت الاحتمالات فيه حُكِم بضعفه حتى تتبيّن صحّته، فيُحتمل أن يكون الراوي الذي سقط ثقة، ويُحتمل أيضاً أن يكون ضعيفاً أو مجهولاً أو متروكاً أو سيِّئ الحفظ،[٨] فالحديث المنقطع حديثٌ ضعيف بسبب الجهل بحال الراوي المحذوف.[٩]



مواضيع أخرى:

ما هو السند في الحديث؟

شروط قبول الحديث الضعيف

المراجع

  1. فضل الرحمن صافي، الزبد في مصطلح الحديث، صفحة 26. بتصرّف.
  2. محمد عبد الغفار، شرح البيقونية، صفحة 6، جزء 10. بتصرّف.
  3. حسن الزهيري، كتاب الباعث الحثيث، صفحة 10، جزء 5. بتصرّف.
  4. رواه الحاكم، في معرفة علوم الحديث، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:71، فيه انقطاع في موضعين.
  5. حسن الزهيري، دورة تدريبية في مصطلح الحديث، صفحة 3، جزء 6. بتصرّف.
  6. رواه أبو داود، في المقرر على أبواب المحرر، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1/ 3، ليس بثابت.
  7. يوسف الداودي، شرح المنظومة البيقونية ليوسف جودة، صفحة 41. بتصرّف.
  8. محمد عبد الغفار، شرح كتاب التدليس في الحديث للدميني، صفحة 8، جزء 3. بتصرّف.
  9. ليلى عطار، آراء ابن الجوزي التربوية، صفحة 450. بتصرّف.