عدد الأحاديث القدسية

ذكر المحقق ابن حجر الهيثمي -رحمه الله- أنّ عدد الأحاديث القدسيّة يتجاوز المئة حديث، وقد أوصلها بعضهم إلى أكثر من ذلك -بصرف النظر عن صحّتها-؛[١] وهذا على النحو الآتي:[٢]

  • جمع المناوي -رحمه الله- في كتابه "الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية" مئتين واثنان وسبعون حديثاً قدسيّاً.[١]
  • استخرج بعض أهل العلم والاختصاص من الكتب الستة أربعمئة حديث قدسيّ مع المكرر، بينما وصل عددها من غير تكرار نحو مئة وثلاثين حديثاً.
  • أوصل محمد المدنيّ -رحمه الله- في كتابه "الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية"، عدد الأحاديث القدسيّة إلى ثمانمئة وأربعة وستين حديثاً، معظمها وارد في كتب السنة غير المشتهرة؛ مثل مسند الفردوس للديلمي، ومعاجم الطبراني، وتاريخ ابن عساكر والحاكم، ومؤلفات ابن أبي الدنيا وابن عدي، ونحوها من كتب السنة؛ والتي يُلاحظ على أسانيدها الضعف والغرابة، وأحياناً تكون موضوعةً واهيةً؛ فهي أشبه بجمع الغرائب والعجائب والأفراد.
  • جمع بعض المتأخرين من أهل العلم مئة وخمسة وثمانين حديثاً قدسيّاً، من الكتب الستة ومن غيرها؛ وذلك ما فعله مصطفى بن العدوي في كتابه "الصحيح المسند من الأحاديث القدسية".


الأحاديث القدسية

مفهوم الحديث القدسي

هو الحديث الذي يسنده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الله -سبحانه-، وسمّي قدسيّاً نسبةً إلى القُدس؛ أيّ الطُهُر، تعظيماً وتكريماً للذات الإلهية،[٣] ويعدّ الحديث القدسيّ من أنواع الوحيّ غير المتلو، وغير المتواتر كالقرآن الكريم، مضافاً إلى الله -تعالى-، منسوباً إليه -سبحانه-؛ لأنّه -سبحانه- هو المتكلّم به من حيث المعنى، وأمّا نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي نسبة إخبار عنه -سبحانه-، وقد ذكر العلماء صيغ الأحاديث القدسيّة التي وردت في كتب السنة؛ وذلك كما يأتي:[٤]

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه.
  • قال الله -عز وجل- فيما يرويه عنه رسول الله.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكيه عن ربه.
  • جاء في الحديث القدسيّ؛ بدون لفظ الرواية، ولا الحكاية.


ومن أهل العلم من فرّق بين صيغة يرويه ويحكيه؛ فإذ ورد الحديث بلفظ "يرويه عن ربه"؛ فيُراد منه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- روى الحديث بلفظه الذي نزل من عند الله -عز وجل-، أمّا إذا ورد الحديث بلفظ "يحكيه عن ربه"؛ فيُراد منه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- روى الحديث بلفظٍ مرادف، أو كان اللفظ منه -صلى الله عليه وسلم-، والمعنى من عند الله -تعالى-.[٤]


الفرق بين الحديث النبوي والقدسي

بناءً على ما تقدم فرّق العلماء بين الحديث النبويّ والحديث القدسيّ، من حيث المضمون والوحي ونحو ذلك، ويمكن توضيح الفرق بينهما بالآتي:[٥]

  • إنّ الحديث النبويّ الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما جاء فيه من أمور توقيفيّة أو تكليفيّة؛ مردّها جميعاً إلى الوحيّ، ولا يعني ذلك أنّ كل حديث موحىً به بعينه.
  • إنّ معنى الأحاديث القدسيّة يُوحى للنبي -صلى الله عليه وسلم- بطرق الوحيّ المختلفة، والألفاظ والصياغة تكون من عند النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • لم تأتِ الأحاديث القدسيّة بأحكامٍ تكليفيّة، أو بإجابةٍ عن سؤال محدد، أو توضيحٍ لواقعة معينة؛ إنّما جاءت للتوجيه الرباني، وتصحيح العقيدة وتقويم السلوك، بينما جاءت الأحاديث النبويّة بأحكام كثيرة مفصّلة لما في القرآن الكريم، فطابعها العام البيان والتفصيل.
  • إنّ الأحاديث النبوية غلب عليها التواتر اللفظي والمعنوي، بينما نجد الأحاديث القدسيّة أخبار آحاديّة.


أمثلة على أحاديث قدسية

اشتهر عدد من الأحاديث القدسيّة الصحيحة والثابتة بشكل واسعٍ بين الناس، والتي يمكن ذكر بعضها على النحو الآتي:

  • ثبت في صحيح البخاري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).[٦]
  • ثبت في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -سبحانه-؛ أنّه قال: (يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ...).[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب حسن أيوب، الحديث في علوم القرآن والحديث، صفحة 177. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 349-354، جزء 35. بتصرّف.
  3. محمود الطحان، تيسير مصطلح الحديث، صفحة 158. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 218. بتصرّف.
  5. حسن أيوب، الحديث في علوم القرآن والحديث، صفحة 176-177. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2577، صحيح.