تعريف الحديث المعنعن

الحديث المعنن لغةً هو اسم مفعولٍ من عنعن؛ أي ما جاء في إسناده لفظ (عن)، دون تصريحٍ بالإخبار أو السماع أو الإنباء، كأن يقول راوٍ في السند سمعت من فلان عن فلان، أما اصطلاحًا؛ فهو الحديث الذي يرويه التلميذ عن الشيخ بكلمة (عن) دون تصريحٍ بالسماع من الشيخ في أحد طبقات السند،[١] وآتيًا حديثٌ عن شروطه وحكمه وبيانٌ لمثالٍ عليه.


شروط الحديث المعنعن

إنّ صيغة (عن) في سند الحديث تحتمل اتصال السند أو انقطاعه؛ فقد يحمل العلماء صيغة (عن) على الاتصال أحيانًا، وفي أحيانٍ أخرى يحملونها على الانقطاع وقد يختلفون في الحكم على السند هل هو منقطع أم متّصل،[٢] ويرجع اختلافهم في ذلك في عدم إثبات السماع مع إمكانيته أو نفيه لمن عاصر شيخه،[٣] وقد وضع العلماء شروطًا لقبوله، واختلفوا في هذه الشروط على أقوال وفيما يلي تفصيلها.[٢]


شروط الحديث المعنن عند أبي المظفر السمعاني

اشترط أبو المظفر السمعاني لقبول الحديث المعنعن عدّة شروطٍ، وهي:[٢]

  • الشرط الأوّل: ألّا يوصف الراوي بالتدليس، والتدليس هو أن يروي الراوي عمّن لقيه أو عاصره حديثًا لم يسمعه منه.[٤]
  • الشرط الثاني: أن يثبت اللقاء بين الراوي والشيخ.
  • الشرط الثالث: أن يُطيل الراوي صحبة شيخه الذي يروي عنه، إلّا أنّ من العلماء من عدّ هذا الشرط شديدًا؛ إذ يصعب على المحققين إثبات ذلك أو نفيه.


شروط الحديث المعنن عند البخاري ومسلم

اشترط البخاريّ لقبول الحديث المعنعن ثلاثة شروط، هي:[٢]

  • الشرط الأول: ألّا يوصف الراوي بالتدليس.
  • الشرط الثاني: أن يعاصر الراوي شيخه.
  • الشرط الثالث: أن يثبت اللقاء بين الراوي والشيخ ولو مرَّةً واحدةً.


أمّا الإمام مسلم فقد اتفق مع البخاري في الشرطين الأوّلين لقبول الحديث المعنعن وهما: معاصرة الراوي لشيخه، وسلامة الراوي من التدليس، إلّا أنّه خالف الإمام البخاريّ في شرط ثبوت اللقاء، إذ إنّ الإمام مسلم يأخذ بالحديث المعنعن ويقبله إذا احتمل اللقاء بين الراوي وشيخه ولا يشترط ثبوت اللقاء بل يكفي احتماليّته وإمكانه.[٢]


حكم الحديث المعنعن عند العلماء

اتّفق العلماء على حالتين لا يقبل فيهما الحديث المعنعن ويجب ردّ فيهما، وهما:

  • الحالة الأولى: عدم معاصرة التلميذ الشيخ، ومثاله كأن يروي قتادة عن أبي بكر الصديق، فيقول الراوي قال قتادة عن أبي بكر، وهذا المثال يحمل على الانقطاع، لأن قتادة لم يعاصر أبا بكر.
  • الحالة الثانية: أن يَثبُت أن الراوي لم يسمع من الشيخ حتى وإن كان معاصرًا له أو في بلده، ويحمل ذلك على الانقطاع أيضًا، ويُثبت عدم السماع بعدَّة طرقٍ،[٣] منها ما يلي:[٣]
  • أن يُثبت الراوي نفسه أنّه لم يسمع من فلانٍ أيّ حديثٍ، فإذا جاءت إحدى الأسانيد فيها عنعنة هذا الراوي وفلان الذي نفى السماع منه؛ فإنّه يُحكم بالانقطاع، ومثاله ما ذكره أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنّه لم يسمع من والده شيئًا، فإذا ورد هذا الإسناد وفيه صيغة (عن) حكم على الحديث بالانقطاع.
  • أن يُثبت أحد الأئمّة أنّ فلانًا لم يسمع من فلانٍ شيئًا، ومثاله ما ذُكره الإمام أحمد وابن المديني وابن معين أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من أبيه شيئًا.
  • وجود قرينةٍ قويَّةٍ دالَّةٍ على أنّ فلانًا لم يسمع من فلانٍ؛ كأن يكون معروفًا أنّ هذا الراوي يروي بواسطةٍ بينه وبين الراوي المُسنَد إليه بالعنعنة، فإذا سقطت الواسطة في أحد الروايات حُكم بالانقطاع.
  • أن يكون الراوي معاصرًا لشيخه لكنّه موصوفٌ بالتدليس، فيحكم في هذه الحالة بانقطاع السند.


مثال على الحديث المعنعن

ما رواه ابن ماجة، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، ثمّ يقول سفيان: عن أسامة بن زيد، ولم يقل حدّتنا، عن عثمان بن عروة عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف".[٥][١]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد حسن عبد الغفار، كتاب شرح البيقونية، صفحة 3-4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج محمد حسن عبد الغفار، شرح كتاب التدليس في الحديث للدميني، صفحة 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت إسلام ويب (25-3-2014)، "لطائف الإسناد - المعنعن"، إسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2021. بتصرّف.
  4. "التدليس تعريفه وأقسامه"، إسلام ويب، 25/11/2001، اطّلع عليه بتاريخ 15/11/2021. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:190، ضعيف.