يُقسّم علماء الحديثِ الحديثَ من حيث صحّته إلى ثلاثة أقسامٍ، هي: الصحيح، والحسن، والضعيف،[١] والضعيف في اللغة من الضعف؛ ضد القوّة،[٢] وأمّا في الاصطلاح؛ فهو كلّ حديثٍ لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن؛[٣] يعزى الضعف في الحديث إلى السند؛ أي سلسلة رواة الحديث، وله أسبابٌ كثيرةٌ، منها: الضعف بسبب العدالة أو الضبط، فالحديث الضعيف يكون ضعفه ناتجًا عن إشكالٍ في ضبط الراوي نفسه أي حفظه وإتقانه، أو الضعف بسبب عدالة الراوي؛ كأن يكون الراوي متَّهمًا بالكذب أو الفسق أو ما يخلّ بالمروءة،[٤] وللعلماء في العمل بالحديث الضعيف والاحتجاج به أقوالٌ وشروطٌ آتيًا بيانها.


شروط الاستدلال بالحديث الضعيف

مذاهب العلماء في العمل والاستدلال بالحديث الضعيف

انقسم علماء الحديث في أخذهم بالحديث الضعيف والاستدلال به إلى أقوالٍ، هي:[٥]

  • القول الأول: عدم العمل به مطلقًا، وقد نُقل هذا الرأي عن يحيى بن معين، وهو مذهب ابن حزم الظاهري.
  • القول الثاني: أن يعمل به مطلقًا، وقيل إنّه قول أبي داود وأحمد بن حنبل، إلّا أنّه محمولٌ على الحديث الضعيف ضعفًا يسيرًا.
  • القول الثالث: أن يعمل به في فضائل الأعمال، واشترطوا للعمل به في هذه الحالة شروطًا آتيًا بيانها.


شروط العلماء لقبول العمل والاستدلال بالحديث الضعيف

وضع أهل العلم شروطًا لا بُدّ من توافرها لقبول العمل والاستدلال بالحديث الضعيف، وآتيًا بيان هذه الشروط:[٦][٥]

  • ألّا يكون ضعفه شديدًا؛ فلا تجوز رواية الحديث شديد الضعف، إنما الحديث الذي يكون ضعفه يسيرًا.
  • أن يكون للحديث أصلٌ معمول به في الشرع، كالأحاديث عن فضائل الأعمال ومحاسن الأخلاق، ومثال ذلك أن يأتي حديثٌ ضعيفٌ في فضل صلاة الجماعة وعظم ثوابها والحثّ عليها، وله أصلٌ، ما ورد في صلاة الجماعة ومشروعيتها، فإذا وجد حديث ضعيفٌ ضعفًا يسيرًا فيه ترغيبٌ بصلاة جماعة وحثٍّ عليها، يمكن العمل والاستدلال به، أمّا إذا كان الحديث الضعيف في العقائد والأحكام الشرعيّة فلا يُقبل العمل والاستدلال به.
  • أن يُعمل بالحديث الضعيف دون قطعٍ به أو القطع بثبوته، بل يُعمل ويُؤخذ به على الاحتياط ولا يجزم به؛ حتّى لا ينسب للنبيّ -عله الصلاة والسلام- فلأنّه لم تثبت روايته عنه.


وبناءً على ما سبق من الشروط؛ فإنّ العلماء يجيزون رواية الحديث الضعيف في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال والأخلاق ما لم يكن الحديث موضوعًا أو شديد الضعف، وأجمعوا على أنّ الأحكام من حلالٍ وحرام لا تثبت إلا بالحديث الصحيح والحسن ولا يجوز الاستدلال لها بالحديث الضعيف، كما أنّهم لا يُجيزون الأخذ بالحديث الضعيف في العقائد أيضًا؛ إلّا أنّ الإمام أحمد بن حنبل كان يعمل بالحديث الضعيف إذا لم يجد غيره للاستدلال، ونُقل عنه قوله: "الحديث عندنا أحب من رأي الرجال"، وقدم أبو داود وغيره الحديث الضعيف على الرأي والقياس إذا لم يجد غيره في الباب.[٧]


المراجع

  1. د. عبدالله بن حمود الفريح (23/11/2013)، "أقسام الحديث من حيث قبوله ورده"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  2. "تعريف و معنى ضعف في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني. بتصرّف.
  3. د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني (20/8/2020)، "شرح تعريف الحديث الضعيف"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  4. محمد حسن عبد الغفار، شرح البيقونية، صفحة 5-7.
  5. ^ أ ب الحديث الضعيف روايته وحكم العمل به، "الحديث الضعيف روايته وحكم العمل به"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  6. "شروط العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال"، إسلام ويب، 12/8/2019، اطّلع عليه بتاريخ 11/20/2021. بتصرّف.
  7. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 291-296. بتصرّف.