حديث عن لبن الإبل
نص الحديث
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (قَدِمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَفَرٌ مِن عُكْلٍ، فأسْلَمُوا، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ فأمَرَهُمْ أنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِن أبْوَالِهَا وأَلْبَانِهَا فَفَعَلُوا فَصَحُّوا فَارْتَدُّوا وقَتَلُوا رُعَاتَهَا، واسْتَاقُوا الإبِلَ، فَبَعَثَ في آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بهِمْ فَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وأَرْجُلَهُمْ وسَمَلَ أعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حتَّى مَاتُوا).[١]
شرح الحديث
دلّ الحديث النبوي السابق على عدّة دلالاتٍ وإشاراتٍ فيما يأتي بيانها:[٢]
- دلّ الحديث النبوي سابق الذَكر على مشروعية التداوي بلبن الإبل، مع الإشارة إلى أنّ ذلك ليس خاصاً بإبل المدينة المنورة، إذ يشمل كلّ الإبل في أي مكانٍ، إذ لم يحدّد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إبل المدينة، إلّا أنّها أفضل من غيرها؛ لأنّ رعيها أفضل من رعي غيرها.[٣]
- أخبر الصحابيّ الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- بقدوم جماعةٍ من عُكْل وهي قبيلةٌ من قبائل العرب إلى المدينة المنورة لملاقاة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، والدخول في دِين الإسلام وإعلانهم توحيد الله -تعالى-، إلّا أنّهم لم يرغبوا بالمكوث في المدينة المنورة؛ لمرضٍ أصابهم في أجوافهم.
- أخبرت قبيلة عُكْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ أهلها أصحاب تجارةٍ في الماشية والإبل، ولا يعلموا بأمور الزراعة، ولذلك فإنّ المدينة المنورة لا تُناسبهم للإقامة فيها، لعدم اعتيادهم على طبيعتها.
- أمر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مَن أتاه من قبيلة عُكْل بالخروج مع عددٍ من الإبل مع مَن يرعاها وكان يسار النوبيّ، وأمرهم بالخروج إلى منطقةٍ تسمّى الحَرَّة تقع في المدينة وتتميز بحجارتها السوداء، والمكوث فيها والشرب من لبن وإبل البول إلى أن يتعافوا من مرضهم.
- خرجت قبيلة عُكْل كما أمرها الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وقد صحّت أجسامهم وتعافوا من أمراضهم بعد أن طبّقوا وصيّة الرسول بالشُّرب من لبن وبول الإبل، إلّا أنّهم خانوا العهد الذي بينهم وبين الرسول؛ فكفروا بعد أن كانوا قد أعلنوا إسلامهم، وقتلوا راعي الإبل الذي رافقهم.
- عَلِم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخيانة قبيلة عُكْل وقتلها للراعي، فبعث عدداً من الرجال يتتبّعونهم حتى أدركوهم واقتصّوا منهم جزاء فعلهم.
- وردت أقوال لبعض العلماء في شرح الحديث السابق منها:[٤]
- قال ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري: (وأمّا أبوال الإبل فقد روى ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعاً: إنّ في أبوال الإبل شفاء للذربة بطونهم، والذرب فساد المعدة).
- قال الإمام النوويّ -رحمه الله-: (واعلم أنّ لبن النوق دواءٌ نافعٌ لما فيه من الجلاء برفقٍ، وما فيه من خاصيةٍ، وأنّ هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أنّ إنساناً أقام عليه بدل الماء والطعام شُفِي به، وقد جُرّب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب، فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعُوفوا، وأنفع الأبوال: بول الجمل الأعرابي، وهو النجيب).
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6802، صحيح.
- ↑ "شرح حديث لبن الإبل"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (27/1/2019)، "هل أبوال كل الإبل فيها شفاء أم ذلك مقصور على إبل المدينة؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
- ↑ خالد عبد المنعم الرفاعي (2007/7/29)، "ما حكم شرب لبن الناقة وبولها في عصرنا"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.