هل عبارة (اسعَ يا عبدي) حديث؟

اشتهر بين الناس تناقل عبارة: "اسعَ يا عبدي وأنا أسعى معك"، وهذه العبارة ليست حديثاً نبوياً، ولا يصحّ نسبتها إلى الله -تعالى- أو إلى نبيّه الكريم، وهي كذلك ليستْ أثراً منقولاً عن الصحابة والتابعين، بل هي من العبارات التي اشتهرت بين الناس، ويقولونها كناية على أهمية السعي والتوكّل على الله، وأنّ من جمع بين الأمرين يسّر عليه الله ووفّقه.[١]


حكم قول عبارة (اسعَ يا عبدي)

يتناقل العديد من النّاس هذه العبارة في رسائلهم أو في حديثهم ومجالسهم، وسنذكر فيما يأتي حكم تناقلها من حيث اعتبارها حديثاً ومن حيث معناها:


من حيث نسبتها إلى النبيّ

لا يجوز نسبتها إلى الله -تعالى- ونبيّه الكريم على اعتبار أنّها حديث قدسيّ، ومَن قالها على سبيل ذلك جاهلاً يُبيَّنُ له عدم صحّة نسبتها إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.


من حيث معناها

يَقصد عامّة النّاس عند قول هذه العبارة أنّ الله -سبحانه- يُعين مَن سعى إليه ويوفّقه في مقصوده إذا كان العبد متوكِّلاً على الله في سعيه، وهذا المعنى المقصود صحيح،[٢] ولكنّ الأجدر والأوْلى استخدام غيرها من العبارات، فقد رأى بعض أهل العلم أنّ قولها لا يصلح ولا يوافق الشريعة، لأنّ عبارة "اسعَ وأسعى معك" تجعل سعي الله في معيّة عباده تبعاً لسعيهم، وهذا ليس من الأدب مع الله -سبحانه-.[٣]


والأصل أنّ سعي العبد يقع ضمن مشيئة الله وبإذنه، والأفضل للمسلم أنْ يستبدلها بعبارات أخرى أكثر دِقّة وموافقةً لنصوص الشريعة الإسلامية، مع الاعتقاد بأنّها ليست حديثاً منسوباً إلى النبيّ؛ مثل قول:[٣]

  • اسعَ يا عبد واستعن بالله يبارك لك سعيك.
  • اسعَ يا عبد وسلْ الله يعطِيك.
  • اسعَ يا عبد وتوكل على الله يبارك لك سعيك.
  • اسعَ ياعبد واسأل الله التوفيق.


أحاديث عن السعي والتوكّل

هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدّث عن السعي وأهمية التوكّل وإحسان الظنّ بالله -سبحانه-، ونذكر منها ما يأتي:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يقولُ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي وأنا معهُ إذا دَعانِي).[٤]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (وَاللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).[٥]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (لو أنكم تتوكلونَ على اللهِ حقَّ توكلِهِ لرزقكم كما يرزقُ الطيرُ تغدو خِمَاصًا وتروحُ بِطَانًا).[٦]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (أيُّها النَّاسُ، اتَّقوا اللهَ وأجملوا في الطَّلبِ، فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأَ عنْها، فاتَّقوا اللهَ وأجملوا في الطَّلبِ).[٧]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَسْتَبطئوا الرِّزقَ؛ فإنَّه لمْ يكنْ عبدٌ ليموتَ حتَّى يَبلُغَ آخِرَ رِزقٍ هو له).[٨]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ، خَيْرًا مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللَّهِ داوُدَ عليه السَّلامُ، كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ).[٩]
  • قال رجُلٌ لِلنَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ؟ قال: (اعقِلْها وتوكَّلْ).[١٠]



مواضيع أخرى:

الحديث النبوي

صفات الحديث الصحيح

المراجع

  1. "حكم عبارة: اسعَ يا عبدي وأنا أسعى معك"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/12/2022. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1201، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "هل يجوز قول "اسعى يا عبدي وأنا أسعى معاك"؟"، طريف الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/12/2022. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2675، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2699، صحيح.
  6. رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:402، صحيح.
  7. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1756، صححه الألباني.
  8. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2166، صحيح على شرط الشيخين.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم:2072، صحيح.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عمرو بن أمية، الصفحة أو الرقم:731، أخرجه في صحيحه.