يقسّم المحدِّثون الحديث باعتبار منتهى سنده أو من أُضيف ونُسب إليه الحديث إلى أقسامٍ ثلاثٍة، هي: الحديث المرفوع؛ وهو الحديث الذي أُضيف إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والحديث الموقوف؛ وهو الحديث الذي أُضيف إلى الصحابي وانتهى سنده إليه ولم يُرفع إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والحديث المقطوع؛ وهو الحديث الذي أُضيف إلى التابعيّ أو من قبله، ولم يُرفع إلى الصحابيّ،[١] وفيما يأتي حديثٌ أوفى نوعٍ من هذه الأنواع؛ وهو الحديث الموقوف ومزيد توضيحٍ لمعناه، وحكمه، وأمثلةٍ عليه.


الحديث الموقوف

تعريف الحديث الموقوف

يُعرّف المحدِّثون الحديث الموقوف بأنّه: ما أضيف ونُسب إلى أحد الصحابة -رضي الله عنهم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ -أي إقرارٍ على أمرٍ-؛[٢] بمعنى أنّ إسناد الحديث الموقوف توقّف وانتهى عند أحد الصحابة -رضي الله عنهم- ولم يُرفع إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-،[٣] فإذا قال أحد المحدّثين عن حديثٍ ما أنّه موقوفٌ بإطلاقٍ دون أن يُقيِّده بشيءٍ؛ فمعناه أنّ قائله صحابيٌّ، وأنّ سند الحديث انتهى إليه، أمّا لو قُيد الحديث بقول: موقوفٌ على فلان؛ فيُنظر للتأكد من أنّ فلانًا صحابيٌّ أم لا، كما لو قيل: حديث موقوف على الزهري؛ فالزهري ليس صحابيًّا، أمّا قول: حديث موقوف بدون تقييد؛ فيفهم أنّه موقوفٌ على صحابيّ، ومن المحدّثين والفقهاء من يطلقون على الحديث الموقوف اسم: الأثر؛ فيقولون أُثر عن الصحابي.[٤]


ما يلحق بالحديث المرفوع ويأخذ حكمه

قد يأتي حديث بصورة ولفظ الحديث الموقوف، لكنّه يُلحق بالحديث المرفوع إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ويأخذ حكمه، ويعتبر مرفوعًا ومنسوبًا إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حكمًا، ويسمّيه المحدّثون: المرفوع حُكمًا، ومن صوره وأحواله ما يأتي:[٢]

  • الحديث الذي يتضمّن قولًا أو فعلًا للصحابيّ مما لا مجال للاجتهاد فيه: فأي قولٍ لا مجال للاجتهاد والرأي فيه؛ فلا بدّ أنّ الصحابي قد سمعه من النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومثال ذلك:
  • الحديث الذي يخبر عن أمورٍ ماضيةٍ: كالأحاديث التي تناولت مسألة بدء الخلق؛ فهذه لا بد أن يكون الصحابي قد سمعها من النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنّه لا سبيل لمعرفتها إلا بإخبار النبيّ، ولا يمكن للصحابة -رضي الله عنهم- أن يكذبوا؛ فكلّهم ثقات عُدول.
  • الحديث الذي يخبر عن أمورٍ غيبيّة: كفتن آخر الزمن، وأحوال وأهوال يوم القيامة؛ فلا بدّ أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- هو من أخبر الصحابي به.
  • الحديث الذي يتضمّن ترتيب أجرٍ أو عقابٌ على فعلٍ: فلا بدّ أن يكون مرفوعًا إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأن يكون الصحابيّ قد سمعه منه؛ لأنّه يستحيل أن يكون الصحابي قد رتّب من عنده ثوابًا أو عقابًا على فعلٍ ما.
  • إضافة الصحابي للقول أو الفعل إلى الزمن النبيّ: فهذا يأخذ حكم المرفوع؛ كقول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (لقَدْ كُنَّا نَعْزِلُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ).[٥]


حكم الحديث الموقوف

إذا لم يكن للحديث الموقوف حكم المرفوع؛ فإنّ الأصل العامّ أنّه لا يجب العمل به؛ لأنّه فعلٌ وقولٌ للصحابيّ وليس سنَّة ثابتةً عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إلّا أنّه يؤخذ ويُستشهد بها لتقوية بعض الروايات الضعيفة.[٢]


أمثلة على أحاديث موقوفة

من الأمثلة على الأحاديث الموقوفة على الصحابي، ما رُوي موقوفًا على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (حَدِّثُوا النَّاسَ، بما يَعْرِفُونَ أتُحِبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ ورَسولُهُ)؛[٦] فقد أورد البخاري هذا الحديث الذي يرويه أبو طفيل عامر بن واثلة عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- موقوفًا عليه؛ أي أنّ سنده انتهى إلى عليّ -رضي الله عنه- ولم يُرفع إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.[٢]



مواضيع أُخرى:

شروط الحديث المرفوع

الحديث الضعيف

المراجع

  1. عبد الله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 14. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث محمود الطحان، تيسير مصطلح الحديث، صفحة 162-166. بتصرّف.
  3. سليمان بن خالد الحربي، الكواكب الدرية على المنظومة البيقونية، صفحة 74. بتصرّف.
  4. حسن أبو الأشبال الزهيري، الباعث الحثيث، صفحة 9. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1440، حديث صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل، الصفحة أو الرقم:127، أثر صحيح.